-1-
ما أكثر الأمنيات التي تملأ الأذهان ، ويحارُ بها الانس والجّان ..!!
ولكن الامنيات لن تجدي نفعاً ..
انها مجرد تطلعات لما تشتهيه النفس وتُريده، ولكن كيف تُترجم الى واقع يمشي على الارض بقدمين ؟
تلك هي المسالة ..!!
-2-
وَيَبَسُ الأماني يعني توقفها عن التكاثر والانشطار ، وانحصارها دون امتدادات مستمرة ..!!
وأما الأماني الرطبة فهي كناية عن الاستمرار في عالم الأحلام دون انقطاع .
-3-
والسؤال الأن :
هل للشيخوخة فعل مضاد لاصطناع الأماني ؟
وبمعنى آخر :
هل يكف الرجل الكبير الطاعن في السن عن الامنيات
أم تبقى أمنياته رطبه طرية لا تجف ..؟
انها في الغالب تبقى رطبة دون جفاف ..
حدّثني صديق عزيز قال :
كان يستمع الى شيخ طاعن في السن يكثر التأسف ، ويلوم نفسه ، لأنه لم يكن قد اشترى العقارات قبل ارتفاع أسعارها ..
يتأسف وكأنه في ريعان الشباب وسيمتد به العمر الى عقود من الزمن في حين أنه وشيك الرحيل ..
وللأمال والاماني دور ايجابي في دفع الحراك الايجابي في مختلف مناحي الحياة ..
-4-
وقد اعتبر بعضهم (الاماني الرطبة) عند الشيوخ مثلبة يعاب عليها ..
قال (محمد بن خلف) في الحارث بن محمد – الحافظ الشهير المتوفى سنة 282 هجرية – :
أبلغ الحارث المتحدث قولاً عن أخٍ صادق شديد المحبة :
وَيْكَ قد كنتَ تعتزي سالفَ الدهرِ
قديماً الى قبائل ضَبّه
وكتبتَ الحديث عن سائر الناس
وحاذيتَ في اللقاء ابن شَبّه
عن يزيدٍ والواقديّ وروْحٍ
وابن سعدٍ والقعنبيّ وهُدْبَهْ
ثم صنّفْتَ من أحاديث سفيان
وعن مالكٍ ومسند شُعْبهْ
وعن ابن المدائنيِّ فما زلتَ
قديماً تبث في الناس كتبه
أفعنهم أخذت بيعَكَ للعلم
وايثار مَنْ يزيدُكَ حبّه
سوءة سوءة لشيخ قديم
ملكَ الحرصُ والضراعة قلبه
فهو كالقفر في المعيشة يبسا
وأمانيه بعد تسعين رطبه
فلما وصلت الأبيات الى الحارث
قال :
أدخلوه
فضحني قاتله الله
أقول :
كانت أصغر بنات الحارث بنت ستين سنة ..!!
والملاحظ في الابيات ذكرُ عدد من الحفاظ ورواة الحديث كابن شبّه والواقدي وابن سعد والقعنبي وهدبه …
وكان الحارث يأخذ أجراً على الرواية ، ومن هنا استهدف بالهجاء ..!!
حسين الصدر