تقدّم غير حاسم للقوميين والليبراليين والخضر
متابعة ـ الصباح الجديد :
احتفظت القوى المؤيدة للاتحاد الاوروبي بغالبية كبرى في برلمان القارة، لكن صفحة الثنائية الحزبية التاريخية طويت، اذ لم يعد في إمكان المحافظين المسيحيين والاشتراكيين الديموقراطيين أن يشكّلوا معاً غالبية، بعد تقدّم القوميين والشعبويين وكذلك الليبراليين والخضر.
وتفيد تقديرات بأن كتلتَي الحزب الشعبي الاوروبي (نحو 180 مقعداً) والاشتراكيين الديموقراطيين (150 مقعداً) لن تتمكنا من اعادة تشكيل «التحالف الكبير» الذي أتاح لهما بناء توافقات حول نصوص تشريعية وتقاسم المناصب القيادية. وكان الحزب الشعبي الأوروبي يشغل 216 مقعداً، والاشتراكيون الديموقراطيون 185 مقعداً.
وتشكّل هذه النتائج نهاية لحقبة الثنائية الحزبية السارية منذ نحو 40 سنة في البرلمان الاوروبي.
ويمكن ان يصبح حزب «الرابطة» اليميني المتطرف بزعامة وزير الداخلية الايطالي ماتيو سالفيني، الحزب الوطني الذي يحصل على أعلى عدد من اعضاء البرلمان الأوروبي، بعد نيله 34 في المئة من الاصوات، في مقابل 6 في المئة في الانتخابات الأوروبية عام 2014 و17 في المئة في الانتخابات النيابية الايطالية عام 2018.
وأكد سالفيني أنه لا يعتزم فرط حكومة جوزيبي كونتي ولا «العقد الحكومي»، مستدركاً: «نريد وضع الأولويات».
وشدد على أن روما لن تخضع لمطالب المفوّضية الاوروبية بالتقشف في ما يتعلّق بالموازنة.
ولفت الى ان تحقيق «الرابطة» أفضل نتائجها في جزيرة لامبيدوزا حيث تنزل سفن مهاجرين، وفي قرية كالابريه دو رياس التي كانت تستقبل أعداداً ضخمة منهم، يعني أن «طلب الحدّ من الهجرة ليس من نزوات سالفيني. الإيطاليون يطلبون ذلك وهذه من أولى المعارك التي سنكسبها في أوروبا الجديدة».
والكتلة التي تضم نواب «الرابطة» وحزب «التجمّع الوطني» بزعامة مارين لوبن في فرنسا، قد تزيد عدد أعضائها من 36 الى حوالى 60 نائباً. كذلك ستنال كتلة الشعبويين نحو 12 مقعداً إضافياً، لتبلغ 56 نائباً.
ولكن على رغم تقدّم الشعبويين والقوميين وأحزاب أخرى مشككة بأوروبا، يبقى هؤلاء بعيدين عن تولي دور أساسي في البرلمان الأوروبي، لا سيّما لأنهم منقسمون ولديهم خلافات عميقة حول ملفات، كما ان اعادة تشكيل تحالفاتهم لا تزال غامضة.
وقال رئيس الكتلة الليبرالية في البرلمان الاوروبي غي فيرهوفشتات: «الفائز بأكبر عدد من المقاعد ليس الشعبويين والقوميين، بل كتلتنا المؤيدة لأوروبا. لن يكون ممكناً تشكيل أي غالبية متينة في البرلمان الأوروبي، من دون كتلتنا الجديدة».
وهذه الكتلة ستصبح مع حوالى مئة مقعد، ثالث قوة في البرلمان، خصوصاً بفضل لائحة «النهضة» المدعومة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على رغم انها لم تنجح في التقدّم على لائحة حزب لوبن (23,31 في المئة مقابل 22,41 في المئة).
وبعد إعلان النتائج، دعت لوبن ماكرون إلى حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة، وهذا ما رفضته الحكومة. وأكد مساعد لماكرون أنه لن يكون هناك «تغيير في الخط السياسي»، فيما اعتبر رئيس الوزراء إدوار فيليب أن النتائج أكدت «إعادة رسم» السياسة الفرنسية، مشيراً الى أن الحكومة «تلقت رسالة حول حال الطوارئ البيئية».
وأعلن الخضر أيضاً انهم باتوا «قوة لا يمكن تجاوزها»، بعد تقدمهم اللافت الذي اتاح لهم الفوز بنحو 70 مقعداً، في مقابل 51 في البرلمان السابق. في المقابل، تراجع عدد مقاعد اليسار المتطرف من 52 إلى 38.
وأقرّت رئيسة الوزراء البريطانية المستقيلة تيريزا ماي بنتيجة «مخيبة جداً» في الانتخابات، بعدما مني حزبها بهزيمة كبرى أمام حزب «بريكزيت» المناهض للاتحاد الاوروبي بزعامة نايجل فاراج، والذي نال نحو 31,8 في المئة من الأصوات، في مقابل 9.1 في المئة لحزب المحافظين.
وهذه الخريطة السياسية المشتتة ستجعل التوصل الى توافق بين مختلف الكتل أمراً أكثر تعقيداً، سواء حول الاصلاحات الكبرى او توزيع مناصب السلطة في بروكسيل، بما في ذلك رئاسة المفوضية الاوروبية.