في اطار مطالبة العسكر بتسليم سلطة السودان للمدنيين
متابعة ـ الصباح الجديد :
دعا تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي يقود الاحتجاجات في السودان امس الاول الجمعة إلى إضراب عام في عموم أنحاء البلاد يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين لمطالبة العسكر بتسليم السلطة الى المدنيين، وذلك غداة لقاء نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم الفريق أول محمد حمدان دقلو في جدة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال التحالف في بيان تلقّته وكالة فرانس برس: «في هذه اللحظة من عمر البلاد لم يعد هناك مناص من استخدام سلاح الإضراب العام لتقويم مسار الثورة».
وتجري مفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الاحتجاج الممثلة بـ»تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير» حول إدارة الفترة الانتقالية. وقد عُلّقت المفاوضات ثلاث مرات منذ إسقاط البشير كان آخرها الاثنين. وحتى الآن لم يحدد اي موعد جديد لاستئنافها.
وكان التحالف أعلن الخميس الماضي أنّه سيجري مشاورات مع أنصاره للتباحث في الحلول الممكنة بعد أن تعثرت مباحثاته مع المجلس العسكري بشأن تشكيلة المجلس السيادي الذي من المفترض أن يدير البلاد خلال الفترة الانتقالية.
ويريد المحتجون رئيساً مدنياً للمجلس السيادي، الأمر الذي يرفضه المجلس العسكري. كما يطالبون بأن يكون الأعضاء ثمانية مدنيين وثلاثة عسكريين، بينما يريد المجلس العسكري سبعة عسكريين وأربعة مدنيين.
وفي بيانه أعلن التحالف عن «جدول التصعيد التدريجي» والذي نصّ على أنّ يوم الثلاثاء المقبل ستكون «بداية الإضراب من داخل المؤسسات والشركات الخاصة والعامة والقطاعات المهنية والحرفية».
وأوضح البيان أنّه في اليوم التالي ستتمّ «مواصلة الإضراب السياسي والاتجاه لميادين الاعتصام بالعاصمة القومية والأقاليم، كما سيتم «تفعيل خيمة العصيان داخل الأحياء واختيار اللجان التمهيدية للعصيان المدني».
وسيجري حسب البيان، «الإعلان عن رفع الإضراب» وتنظيم «مواكب السلطة المدنية نحو ميادين الاعتصام بالعاصمة القومية والأقاليم»، الخميس المقبل .
ولفت البيان إلى «جدول الفعاليات الثورية» هذا هدفه «تَسلُّم مقاليد الحكم من قبل السلطة المدنية الانتقالية وفقاً لإعلان الحرية والتغيير».
دعم الرياض
وأتت الدعوة للإضراب غداة لقاء نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو في جدة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في اجتماع أكّد خلاله المسؤول السوداني دعم الخرطوم للرياض في مواجهة «التهديدات والاعتداءات» الإيرانية.
وقال دقلو الشهير بـ»حميدتي» في بيان أصدره المجلس العسكري في الخرطوم إنّ «السودان يقف مع المملكة ضد كافة التهديدات والاعتداءات الإيرانية والمليشيات الحوثية». كما أعلن «كامل الاستعداد للدفاع عن أرض الحرمين الشريفين في إطار الشرعية وأنّ القوات السودانية ستظلّ موجودة وباقية في السعودية واليمن وسنقاتل لهذا الهدف».
والسودان شريك رئيسي في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض وأبوظبي ضدّ المتمرّدين الحوثيين في اليمن. ويقاتل آلاف الجنود السودانيين في صفوف قوات هذا التحالف الذي بدأ عملياته في آذار 2015.
ووصل حميدتي إلى جدّة الخميس الماضي، في زيارته الخارجية الأولى منذ أطاح الجيش بالرئيس السابق عمر البشير.
من جهتها، اكتفت وكالة الأنباء السعودية الرسمية بالقول إن الاجتماع بين حميدتي، الذي غادر جدة الجمعة، وولي العهد «بحث التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، إلى جانب استعراض مستجدات الأحداث على الساحة الإقليمية». وبحسب بيان المجلس العسكري فإنّ الغرض من زيارة حميدتي هو «تقديم الشكر للمملكة ، لما قدّمته من دعم اقتصادي يؤمّن متطلّبات الحياة المعيشية للشعب السوداني، وهو ما أعلن عنه في الفترة السابقة فضلاً عن دعمها السياسي للمجلس للمساهمة في الوصول إلى حلّ سريع للمشكلات العالقة».
«الكثير من الاستثمارات»
وأكد البيان إنّ ولي العهد السعودي وعد «بعد تجاوز المرحلة الحالية بالكثير من الاستثمارات في السودان». كما تعهد «العمل كذلك على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والعمل على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان والعمل على معالجة ديونه». وهذا البيان الذي يعتبر أول موقف أساسي في السياسة الخارجية يتّخذه المجلس العسكري، يمثّل استكمالاً لسياسة الخرطوم الخارجية في عهد البشير.
وعزّزت الولايات المتحدة منذ 1997 العقوبات الاقتصادية، بسبب اتّهامات للسودان بدعم مجموعات جهادية خصوصا أن مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أقام في الخرطوم بين 1992 و 1996، وبسبب انتهاكات لحقوق الإنسان والنزاع في دارفور الذي أوقع أكثر من 300 ألف قتيل منذ 2003. والأسبوع الماضي أودعت السعودية 250 مليون دولار في المصرف المركزي السوداني في إطار حزمة مساعدات تعهّدت بها المملكة وحليفتها الإمارات لصالح السودان الذي يشهد اضطرابات في خضم عملية انتقال للسلطة.
وكانت الإمارات والسعودية أعلنتا في 21 نيسان الماضي تقديم دعم مالي قيمته ثلاثة مليارات دولار للسودان. ويرى بعض المحللين السودانيين في هذه المساعدات تشكل دعماً للمجلس العسكري للبقاء في الحكم فترةً أطول.