-1-
قد يكتب الانسان عن حادثة معيّنة عاشها بنفسه ، وقد يكتب عن حادثة رُويتْ على لسان غيره ، فمن الأمانة ان يقول :
ان هذه الحادثة قد رُويت لنا ، والعهدة على الراوي ،
-2-
والمرويات –قديماً وحديثاً – كثيرة للغاية وليست كلها صادقة
وقديما قيل :
” وما آفةُ الأخبار الاّ رواتُها “
-3-
لقد راجعتُ قبل نصف قرن من الزمن طبيباً اختصاصيا ببغداد ، ولكنه رفض استلام أجرة الفحص وقال :
( أمي أوصتني أنْ لا آخذ شيئاً من السادة، ولذلك فأنا اعتذر عن قبول هذا المبلغ )
وهنا تبرز نقطتان :
الأولى : الطِيبة المتناهية للأم ، وحبها الشديد للرسول (ص) وأهل بيته (ع) دَفَعَها للطلب مِنْ ابنها أنْ يعفيهم من أجور الفحص .
الثانية : التزام الابن (الطبيب) بوصية أمّه بحذافيرها دون إخلال …
ولعلّ المقصود بالسادة هنا : علماء الدين ، الذين يمكن لابنها تشخيصهم بمجرد أنْ يراهم ، دون غيرهم الذين يصعب معرفة انتسابهم الى البيت النبوي الطاهر الاّ بعد بحث وتمحيص …
-4-
وقد علمت أنَّ هذا المنحى – منحى العناية بعلماء الدين –كان قد اختطه لنفسه طبيب اميركي يهودي) مختص بالعيون .
جاء في الرواية
انّ احد علمائنا كان يشكو من تمزق في ” الشبكية” واحتاج الى العلاج (بالليزر) فراجعه فاشترط عليه أنْ يدفع له (سبعة آلاف دولار)، وحين حاول المريض انقاص الأجرة رفض الطبيب اليهودي ذلك رفضاً قاطعا.
وبعد الفراغ من العلاج قدّم العالم الى الطبيب المبلغ الذي طلبه – اي (7000) دولار – فما كان من الطبيب الاّ أنْ أرجع اليه نصف المبلغ .
وهنا سأله :
لقد رفضتَ في البداية أنْ تُنقص المبلغ المعيّن فكيف اكتفيتَ الآن بنصفه؟
فقال :
لقد علمتُ أنك من علماء الدين …!!
فقال له :
انا من علماء المسلمين ولست من علمائكم
فقال :
أنا أحترم كل العلماء أيا كان دينُهم …
وهنا تكمن العبرة
فاذا كان (لليهودي) مسلك خاص مع علماء الدين ، يقوم على اساس العناية الفائقة بهم، والتخفيف عنهم، فكيف يبتعد (المسلم) عن هذا المسلك؟!
انّ بعض الأقلام الماجورة لا تفتر عن الاساءة الى المؤسسة الدينية كلها، ولا تلتذ الاّ بالطعن والاستخفاف بكبار رجالها … ، لا بل تستهدف العمائم كلها دون استثناء …
صحيح انّ بعض الدخلاء قد اعتمر (العمامة) لأغراض دنيئة ، وهو ليس من أهلها ، ولكن ليس من الصحيح أنْ يكون الهجوم ضاريا على كل العلماء دون استثناء
لا تحضروا مجلسا يعتلي (المنبر) فيه مَنْ لا يُحسن ان يقرأ القرآن ..!!
قاطعوا دعاة الدجل والتضليل ورواة الأحاديث الموضوعة ..
وحاسبوا مروجي الخرافة والأباطيل،
وميّزوا بين الغث والسمين وبين الخائن والأمين
فهذا التمييز ضروري لا غنى عنه …
حسين الصدر