-1-
السرقة جريمة ذميمة ، وليس ثمة مِنْ شَكٍّ في أنَّ السراق جميعاً منبوذون من قبل أصحاب الضمائر والسلوك النظيف …
-2-
والغريب انّ بعض السراق العراقيين في الماضي امتازوا بالحفاظ على بعض القيم الاصيلة، فقد ذكر بعض الباحثين أنَّ امرأة أحست بوجود سُرّاقٍ في بيتها ليلا فوجّهتْ خطابها لولدها قائلة لهم :
” قم يا بُني وساعِدْ أخوالَك “
فما كان من السرّاق الاّ أنْ غادروا المنزل، لأنهم خجلوا منها حين اعتبرتهم إخوتها اذْ كيف يسوغ للأخ ان يسرق أخته ؟!
أما سراق المال العام في العراق الجديد فهم لا يقدمون الاّ على سرقة أهلهم ..!!
وما أعظم الفارق بين سرّاق الأمس وسرّاق اليوم ..!!
-3-
لم نسمع لحدّ الآن بأنَّ واحداً من سُرّاق المال العام في العراق الجديد ، صحا ضميرُه وأعاد الى خزينة الدولة ما سرق منها ، كما لم نجد واحداً منهم يعترف بفداحة الجرم الذي أقدم عليه ..!!
وكلما زاد الحديث عن خطورة الفساد المالي والاداري على العراق وأهله ارتفعت مناسيب السرقة للمال العام ..
ومعنى ذلك :
الإصرار الرهيب على اختيار ممارسة السرقة للمال العام والاستخفاف بكلّ ما ينجم عنه من أوضار على البلاد والعباد، وهذه هي السفالة الصريحة التي لا تماثلها أية دناءة اخرى ..!!
انّ الاصرار على عمل تُحرّمُه الاديان والقوانين ، وترفضه القيّم والاخلاق ، وتُندّد به الموازين الحضارية والاجتماعية والانسانية والسياسيةَ والوطنية، يُدخل السرّاق في نفق العار، ويجعلهم على رأس قائمة المفسدين الأشرار .
-4-
وحين نقارن بيْن هؤلاء السُراق للمال العام في العراق ، وبيْن بعض السرّاق في البلدان الاخرى، ممن يتورطون في السرقة ولكنهم سرعان ما يتراجعون عنها لأسباب انسانية،نجد أنَّ سراق المال العام في العراق هم أسوأ السراق على الاطلاق .
-5-
اين هم ممن سطا على جهاز (لابتوب) تعود ملكيتُه لاستاذ جامعي سويدي ، وكان الاستاذ قد حمّله مجموعة كبيرة من بحوثه وكتاباته العلمية وهذا ما احزنه كثيراً ، ولكنه فوجئ بالسارق يرسل اليه كل تلك المحتويات على ( USB ) – فلاش ميموري- ويقطع ليل عذاباته ..!!
لقد شعر السارق بانه سبّب وقوعَ المسروق في حرج شديد فسارع الى رفع الحرج عنه ..
في حين لم تَبْقَ للسارق العراقي – للاسف الشديد – بقيةٌ منْ مروءة أو انسانية ..!!
-6-
وكانت احدى السيدات مصابة (بداء السرطان) ولذلك كانت تكثر من إلتقاط الصورُ لنفسها مِنْ آلةِ تصويِرِ وَضَعَتْها في سياراتها ، لتبقى صورها لأطفالها بعد موتها، وجاء احد اللصوص وسرق ألة التصوير ولكنه حين علم بالأمر أرجع اليها آلة التصوير ..
ولم يكن هذا السارق عراقياً أيضاً ..!!
-7-
وداهم لصٌ في (ألمانيا) احد المنازل ليسرقه وأرغم المرأةَ التي كانت في المنزل، بالسلاح على التزام الصمت ، ولكنه سرعان ما انسحب من الدار وانصرف عن سرقتها حين رآى طفليْن يُخرجان له ما عندهما من المال ليتركهما من دون ان يؤذيهما ..
وعندها أحس بالخجل ولام نفسه ولاذ بالفرار .
-8-
ولا نريد ان نسترسل في سرد الحكايات والقصص عن سُرّاقٍ في شَرْقِ الارضِ وغَرْبها لم تخنهم مشاعرهم عن الاسراع الى تلافي ما وقعوا فيه من ورطة ..،
ولكن مَنْ الذي تلافي وقوعه في سرقة المال العام من القراصنة واللصوص عندنا ؟
حسين الصدر