ابلغ غوتيريش انه لا ينوي وقف هجومه
متابعة ـ الصباح الجديد:
تواصلت امس الاول الجمعة اشتباكات كانت اندلعت الخميس الماضي بين ائتلاف المجموعات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق الوطني، وقوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة خليفة حفتر، في أكثر من جبهة على تخوم العاصمة الليبية طرابلس. وعلى خلفية هذه الاشتباكات دعا مجلس الأمن قوات المشير حفتر إلى وقف هجومها على العاصمة. أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس فقد غادر ليبيا بعد أن التقى الجمعة في بنغازي المشير خليفة حفتر. كما أعرب غوتيريس عن «قلقه العميق» من الوضع في هذا البلد.
وطالب مجلس الأمن الدولي قوات المشير خليفة حفتر بوقف هجومها على طرابلس، لكن الرجل القوي في شرق ليبيا لم يصغ لذلك، مؤكدا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيوغوتيريس الذي التقاه امس الاول الجمعة أنه ماض نحو تحقيق هدفه، وهو ما ترجم باشتباكات اندلعت في أكثر من جبهة على تخوم العاصمة.
وفي ختام جلسة مغلقة طارئة عقدها مجلس الأمن حول ليبيا بطلب من بريطانيا قال الرئيس الدوري للمجلس السفير الألماني كريستوف هوسغن للصحافيين إن «المجلس دعا قوات الجيش الوطني الليبي لوقف كل التحركات العسكرية». وتابع أن «أعضاء مجلس الأمن أعربوا عن قلقهم العميق إزاء النشاط العسكري بالقرب من طرابلس والذي يهدد الاستقرار الليبي وآفاق وساطة الأمم المتحدة والحل السياسي الشامل للأزمة».
وأيد المجلس بإجماع أعضائه الخمسة عشر، بمن فيهم روسيا الداعمة لحفتر، الدعوة لوقف الهجوم الذي شنه الأخير الخميس باتجاه العاصمة. وبحسب هوسغن فإن مجلس الأمن أكد عزمه على «محاسبة المسؤولين عن مزيد من النزاعات» في ليبيا.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد التقى امس الاول الجمعة في بنغازي المشير خليفة حفتر، قبل أن يغادر ليبيا معربا عن «قلقه العميق» من الوضع في هذا البلد ومبديا أمله بتجنب حصول «مواجهة دامية» في طرابلس حيث اندلعت مساء اليوم نفسه اشتباكات عنيفة جنوبي المدينة.
لا ينوي وقف هجومه
وأفاد دبلوماسيون بأن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة أخبر مجلس الأمن بأن حفتر أبلغ غوتيريس أنه لا ينوي وقف هجومه الرامي للسيطرة على طرابلس. وكان غوتيريس قد التقى في طرابلس الخميس فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المناوئة لحفتر والتي تسيطر على غرب ليبيا.
وقال غوتيريس على موقع «تويتر» قبيل مغادرته «أغادر ليبيا وقلبي حزين وأنا أشعر بقلق عميق. لا أزال آمل بأن تجنب اندلاع مواجهة دامية داخل طرابلس وفي محيطها هو أمر ممكن». وكان غوتيريس كتب على تويتر قبل وصوله إلى بنغازي للقاء المشير حفتر أن «الهدف لا يزال نفسه: تجنب المواجهة العسكرية».
لكن معارك عنيفة دارت بين ائتلاف المجموعات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق الوطني، وقوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة حفتر، على بعد نحو 50 كلم من طرابلس. فيما أفاد مصدر أمني في حكومة الوفاق الوطني أن المعارك جارية في مناطق سوق الخميس والسائح وسوق السبت، جنوب العاصمة.
وأعلن المكتب الإعلامي «للجيش الوطني الليبي» على صفحته عبر فيس بوك، أن «القوات المسلحة ،مع الجنود من كل المناطق الليبية يشاركون حاليا في معارك عنيفة في ضواحي طرابلس ضد الميليشيات المسلحة».
وقد بدأ «الجيش الوطني الليبي» الخميس الماضي هجوماً بهدف السيطرة على طرابلس. وأمر السراج القوات التابعة للحكومة وحلفاءها من الفصائل بالتصدي للقوات المهاجمة.
وتقدم مقاتلو حفتر في اتجاه غرب البلاد، وسيطرت قوات موالية مساء الخميس على حاجز كوبري 27 العسكري الواقع على بعد 27 كلم من البوابة الغربية لطرابلس، لكن قوات موالية للحكومة طردتهم فجر الجمعة بعد «اشتباك قصير»، بحسب ما أفاد مصدر أمني في طرابلس. وأوضح المصدر أنه تمّ أسر عشرات من مقاتلي حفتر ومصادرة آلياتهم.
وبحسب صحافي في وكالة الأنباء الفرنسية في المكان، زار السراج، برفقة قادة المنطقة الغربية، الحاجز الذي سيطرت عليه قواته في موكب مؤلف من نحو عشرين آلية، بينها شاحنات مزودة مضادات للطائرات. وتبادل السراج بشكل مقتضب أطراف الحديث مع المسلحين على الحاجز قبل أن ينطلق باتجاه طرابلس.
مطار طرابلس
وليل الجمعة تمكنت قوات حفتر من الوصول إلى مطار طرابلس الدولي الواقع على بعد نحو 30 كلم جنوب طرابلس والموضوع خارج الخدمة منذ دمر في اشتباكات دارت فيه خلال العام 2014.
وأكد وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا في تصريح لتلفزيون «ليبيا الأحرار» أن قوات حفتر تمكنت من السيطرة على المطار لفترة وجيزة قبل أن تطردها منه القوات الموالية لحكومة الوفاق. وقال باشاغا «القتال يدور حاليا في منطقة قصر بن غشير» الواقعة جنوب المطار.
بالمقابل أكد الناطق باسم قوات حفتر اللواء أحمد المسماري إحراز «تقدم مهم» الجمعة، معترفا في الوقت نفسه بالانتكاسة التي تعرضت لها قواته صبيحة اليوم نفسه حين خسرت الحاجز العسكري الذي كانت سيطرت عليه مساء الخميس والواقع على بعد 27 كلم غرب طرابلس، في هزيمة أُسر خلالها أيضاً بحسب المتحدث 128 من جنود «الجيش الوطني الليبي».
وأعلن المسماري أن المعارك الدائرة منذ الخميس أسفرت عن سقوط خمسة قتلى في صفوف الجيش الوطني الليبي، مؤكدا أن قتالا يدور على جبهة أخرى قريبة من طرابلس هي منطقة العزيزية التي تبعد 50 كلم جنوب غرب طرابلس.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، تتنازع سلطتان الحكم في ليبيا الغارقة في الفوضى: حكومة الوفاق الوطني في الغرب التي يترأسها فايز السراج وشكلت نهاية 2015 في ضوء اتفاق رعته الأمم المتحدة، ومقرها طرابلس، وسلطة موازية في الشرق يسيطر عليها «الجيش الوطني الليبي».
مجموعة السبع
ودعا وزراء خارجية الدول الصناعية السبع الكبرى امس الاول الجمعة إلى «وقف فوري لكل التحركات العسكرية نحو طرابلس».
وقال الوزراء المجتمعون في دينار بشمال غرب فرنسا في بيان مشترك «نحض كل الأطراف المعنية على وقف فوري لكل الأنشطة والتحركات العسكرية نحو طرابلس، والتي تعرقل آفاق العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة وتعرض أرواح مدنيين للخطر وتطيل أمد معاناة الشعب الليبي».
وإذ شدد وزراء خارجية كلّ من الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا واليابان في بيانهم على أنه لا يوجد حل عسكري للصراع الليبيـ أكدوا أنهم «يعارضون أي عمل عسكري في ليبيا».
وقال كل من مضيف الاجتماع وزير الخارجية الفرنسية جان-إيف لودريان ونظرائه الستة إن «كل فصيل أو طرف ليبي يؤجج الصراع الأهلي إنما يلحق ضررا بأبرياء ويعرقل السلام الذي يستحقه الليبيون». وجدد الوزراء دعمهم التام لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة في البحث عن حل سلمي للنزاع في هذا البلد.
من جهته قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف امس الاول الجمعة «نعتبر أن الأمر الأكثر أهمية هو ألا يؤدي أي عمل الى حمام دم جديد» في ليبيا.
وكانت واشنطن وباريس ولندن وروما وأبوظبي دعت الخميس «جميع الأطراف» الليبيين الى احتواء «التوتر فورا». كما أعربت كندا وتونس عن قلقهما حيال الأوضاع، في حين دعت ألمانيا إلى إنهاء «العمليات العسكرية على الفور».
ومن المقرر عقد مؤتمر وطني ترعاه الأمم المتحدة منتصف نيسان في غدامس (جنوب غرب) بهدف وضع «خارطة طريق» تلحظ خصوصا إجراء انتخابات. ولم تنجح الجهود الدبلوماسية في الأعوام الأخيرة في تحقيق اختراق فعلي من أجل حل سياسي.
وإضافة إلى شرق البلاد، يسيطر حفتر على أجزاء في الجنوب الليبي الذي يعد منطقة صحراوية واسعة ومهمشة، وخصوصا مدينة سبها وحقل الشرارة النفطي الكبير.