-1-
اللين والرفق والمرونة صفات لها آثارها الايجابية في النفس البشرية :
فبالرفق واللين يمكن النفاذ الى القلوب ، وبهما يتوصل الى الإقناع، وبالرفق يسود جو مشبع بالحب والحنان يكون بمثابة الارضية الخصبة لكل دعوات الصلاح والاصلاح .
-2-
انّ العالم اليوم يشكو من الارهاب والارهابيين، وهم أعداء الانسانية الذين لا يحسنون الا فن القتل والعدوان، ويبتكرون وسائل الابادة دون هواده ، ولا يعرفون اي لون من ألوان الرفق أو الرحمة …
-3-
ان الرسول الاعظم (ص) كان أعظم الناس رفقاً بالانسانيةالضالة
ومن هنا استطاع أنْ يقودها الى منابع النور
فبعد أنْ عاشت في ظلمات كثيرة .
ظلمه الكفر والجحود ،
وظلمة القسوة والعنف ،
وظلمة الجهل والتخلف ،
وظلمة استباحةِ الحقوق والحريات ،
أخرجها الى نور الاسلام وبه أصبحت خيرة الأمم .
جاء في كتاب ( أسد الغابة في معرفة الصحابة ) لابن الاثير ج4ص632:
في ترجمة هلال بن الحكم ، انه قال :
{ لما قدمتُ على رسول الله (ص) ، علمتُ أموراً من أمور الاسلام وكان فيما علمت قيل لي :
اذا عطستَ فاحمد الله ،
واذا عطس العاطس فحمدَ الله فَشِمِّتْهُ ( اي قل له : يرحمك الله )
فبينا انا في الصلاة خلف رسول الله (ص) اذ عطس رجلٌ فقلتُ :
يرحمك الله
فرماني القوم بأبصارهم
فقلتُ :
ما لكم تنظرون اليّ بعين شَزر ؟
{ النظر الشزر : غالباً ما يكون في حال الغضب }
فسبّح القوم ( اي قالوا سبحان الله ) فلما قضى رسول الله (ص) صلاته قال :
مَنْ المتكلم ؟
قالوا :
هذا الاعرابي ،
فدعاني رسول الله (ص) وقال :
” انما الصلاة للقراءة ولذكر الله فاذا كنت في الصلاة فليكن ذلك حالك ”
قال :
فما رايتُ مُعلّماً أرفق من رسول الله (ص) }
أرايت كيف أثّر الرفق في نفس هلال بن الحكم وزاده حبّاً للرسول حتى قال :
(فما رايت معلماً أرفق من رسول الله (ص) )
أين نحن من اخلاق الرسول ورفقه ؟
يقول الشاعر مخاطبا الرسول (ص) :
بُعِثتَ أُسوةَ حقٍّ
وأين منّا التأسي ؟
إنْ كانَ قَصَرَّ قومٌ
فما أبرّءُ نفسي
نعم لقد غاب عنّا التأسي فافتُرست انسانيتُنا وغابت تلك الحزمة الوضيئة من مكارم الأفعال والصفات .
-6-
ومن المفيد هنا ان نذكر القصة التالية :
في سبعينيات القرن الماضي جاءني احد الاخوة الاعزاء في الكرادة الشرقية
وقال لي :
انّ صِهْرَهُ عازمٌ على الحجّ ،
وهو – للاسف – ليس ملتزماً باداء الصلاة ، والمأمول أنْ تحثه عليها وترغبّه فيها، من دون إشعاره من قريب أو بعيد اني الذي أخبركَ بذلك ..
وبالفعل زارنا الرجل ، وانجرّ حديثنا معه الى الصلاة ، وثقلها في الميزان ، وأنها أول ما يُنظر من أعمال المرء ، فانْ قُبلت قبل ما سواها …
وانّ الأمر محسوم قرانيا بشكل صريح فحين سئل أهل النار :
{ ما سلككم في سَقَر .
قالوا : لم نك من المصلين }
المدثر 42-43
فالنار هي مصير تاركي الصلاة يقيناً
قال الرجل :
أنا لا أجهل قيمة الصلاة، ولكنّ المشكلة أنّ والدي – وقد كان حدّادا – كان يستعمل أحيانا مطرقة الحديد في ضربي من أجل الصلاة، وهذا ما وّلّد عندي عقدة كبيرة من الصلاة ..!!
وأنا اليوم حين أريد أداء الصلاة أغلق على نفسي باب الغرفة ولا أحبُّ ان يراني أحد ..!!
أقول :
لو كان والده قد استخدم الرفق معه بدلاً من العنف لما كانت هذه نهاية المطاف .
-7-
واخيراً :
لا تنس أنَّ ( رأس الحميّة الرفقُ بالبدن )
وهكذا يتبدّى أنَّ الرفق مطلوب ابتداءً بالرفق بالبدن صعوداً الى الرفق بالشعب والوطن .
حسين الصدر
مزايا الرفق
التعليقات مغلقة