4 -ماذا بعد، والى اين؟
ما يزال الحديث عن مستقبل العملية السياسية، ونظامها الحزبي، وعن اتجاه الاحداث والوضع العام في العراق، بعد كل الذي حدث ويحدث، حديث الساعة وموضع مشغولية الرأي العام والطبقة السياسية وكل القوى الاقليمية والدولية على حد سواء، ففي كل مكان، وحيثما يجتمع عراقيون يتابعون اخبار بلدهم، وكلما يلتقي مراسلون ودبلومسيون اجانب على مقربة من احداث العراق يطرح السؤال مدوياً: وماذا بعد؟ والى اين يتجه قارب العراق؟ وهي تساؤلات لها ما يبررها، وما يجعلها ساخنة على الدوام.
وليس من قبيل الاسرار، ولا هو امر غريب، ما يقال بان الدول الاجنبية المعنية، واستخباراتها وجيران العراق خاصة، تشكل الآن مجموعات (خلايا) بحث واستطلاع (تجسس) لرصد اتجاه الاوضاع العراقية، السياسية والامنية، ولمعرفة القوى الفاعلة والمؤثرة في هذه الاوضاع، وتعيين حلقات التأثير والمرشحين لأدوار المستقبل.
كما ان القول بان للجميع، ومن غير استثناء، مصالح في حاضر ومستقبل العراق لا ينطوى على مبالغة او على محاولة تسويد نيات تلك الدول، او تعويم النظرة الى مفهوم المصالح، فان تشابك الاحداث وتداخلها وتحول الساحة العراقية الى ملعب للمتسابقين على النفوذ، أدخل «المصالح» في ملفات وحروب ومواجهات وسياسات تبدو كما لو ان اصحابها «محسنون» وتهمهم مصالح الشعب العراقي في المقام الأول، فيما يظهر لكل محلل موضوعي ومحايد بان تلك الاطراف تستعمل مصالحها ومواقع نفوذها، بما فيها التجارية او المساعدات الانسانية، لدفع الاحداث والصراعات بالاتجاه الذي يضمن تكريس وتوسيع تلك المصالح في بلد يمسك اقدار المنطقة لما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن، وهذا ما لايراه الكثير من المحللين، بوصفه مفتاحا من مفاتيح تأشسر مستقبل العراق، ومساعدا في الاجابة على السؤال، موضع الانشغال:العملية السياسية الى اين؟.
فاذا وضعنا في حساب التحليل هذه المحددات، بجانب صراع وتحالفات الكتل والزعامات المحلية ذات العلاقة بتجربة المحاصصة سيئة الصيت فاننا سنقترب من الاجابة على ما نعده سؤال الساعة عما ينتظر العراق وهو يقترب من انتخابات 2018 وسنذهب الى الاعتقاد بان شيئا دراماتيكيا لن يحدث في ظل تناسب (وربما تداخل) مصالح القوى الداخلية والدولية التي تدير الصراعات والتحالفات والولاءات، وربما ستبقى الاوضاع على حالها مع تعديلات طفيفة على تناسب القوى، وما سيسفر عنه من خيبة سواء تضرب الملايين وبخاصة تلك الشرائح التي توزعت على موالاة اللاعبين انفسهم.
وتبقى فرضية واحدة ان يحدث اختراق على يد معادلة سياسية(قوة. زعامة. إئتلاف..) تملك تفويض الملايين المتطلعة الى التغيير وبيدها قوة التأثير والضبط لتلقي بنظام المحاصصة الى خارج المعادلات، وتضع حراسات وبؤر الفساد في زاوية الحساب والقصاص.
البعض يراهن هنا على حيدر العبادي وتحت يد هذا البعض معطيات وتسريبات عن نوايا الرجل تدخل في باب التفاؤل، بموازاة مراهنات اخرى تسعى الى ابقاء الحال على حاله، وكأن شيئا لم يحدث، ودماء لم تسل، وثروة لم تُنهب.
**********
اريك هوفر- كاتب امريكي:
«الدعاية السياسية لا تخدع الناس، لكنها تساعدهم على خداع أنفسهم».
عبدالمنعم الأعسم
إعادة تركيب ما جرى..
التعليقات مغلقة