المؤرخون نقلوا وينقلون لنا الشيء الكثير عن الواقع الانساني بكل جوانبه واتجاهاته ومستوياته , فلم يترك شاردة ولا واردة الا احصاها ومن بين كتاباتهم ما نقله لنا الرحالة الايطالي عن طقوس الزواج في منطقة من الهند الصينية ان العروس لا تزف الى زوجها الا بعد ان تعرض على الملك ليتصل بها اذا شاء , ومن ذلك ما يتناقله الرواة عن عماليق طسم وجديس في الجاهلية .. وفي كينيا كانت قبائل فيها تبيح للفتاة ان تتخذ لها عشيقا من افراد اسرتها .. وقريب من هذه العادة ما كان منتشرا بين قبائل ( الزريقات ) الافريقية , وقد يكون الارهابي ( الزرقاوي ) المعروف ينتسب الى هذه القبائل وليس للـ ( زركه ) الاردنية …
على كل حال .. ان الاديان السماوية وفي مقدمتها الاسلام انتشلت المرأة مما وضعت به من هوان واستباحة وكرمتها بعقد زواج له شروطه واركانه وثباته واحكامه وآثاره , ونزهتها حتى عن ما يحصل لها في العصر الحاضر من اباحة معظم دول الغرب لحالات من العشق والممارسات الجنسية , حتى لم يعد للبكارة عندهم وجود او احترام , فصارت العلاقات التي تجمع الرجل والمرأة من دون زواج حالة اعتيادية لا مانع ولا مقيد لها وعدت شكلا من اشكال ممارسة الحريات الشخصية … ولكن الاسلام يقف بالضد من كل تلك الاشكال الهجينة والمستهجنة التي تشوب الرباط المقدس الذي يعقد رضائيا ومن دون اكراه ايجابا وقبولا ..
ومن التنبيهات التي اولاها الاسلام اهتماما ما جاء في حديث النبي محمد (ص) : ( اياكم وخضراء الدمن ) . قالوا : وما خضراء الدمن يارسول الله ؟ قال : ( المرأة الحسناء من المنبت السوء ) … ومع كل هذا يتغافل الكثير عن تلك النصيحة فيقع الزوج بمأزق لا فكاك منه , فيبذل ماله وماء وجهه للخلاص من خضراء الدمن تلك , فيتم التفريق او الطلاق وما يترتب عليه من (حقوق) الزوجة التي وضعها المشرعون ضمانا لتلك المطلقة حتى وان كانت حسناء من المنبت السوء .
واليوم تتداول وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية مشكلات الطلاقات المبكرة لزواجات مبكرة وابرزت احصاءات بها وحللت الاسباب والمسببات بمؤثرات اجتماعية واخرى فسلجية وثالثة فكرية … واني اظنها لم تصب الهدف بعينه في كل مرة يعزف بها الشاب عن الزواج او يطلق زوجته من تزوج لتوه , ويمكن ان نشير باصبع الاتهام الى الظروف المشجعة على الطلاق التي تدفع بالفتاة الى طلب التفريق او الطلاق حصرا لغرض الحصول على المنافع من وراء انفصام الرباط المقدس ماديا ومعنويا …
ومن تلك المزايا لطلاق المرأة , انها تحصل ولفترة وجيزة هي ( العدة ) على تحررها من قيد الزوجية وانتظارها لفتى احلام جديد تتوهم الحصول عليه مستقبلا , واما المردود المالي فكثير والحمد لله , من بينه المهران ( المعجل والمؤجل ) اللذان يقصمان الظهر ثم يليه نفقة الزوجة باشكالها وانواعها ونفقة الاطفال اذا ما زرع الزوج نطفته في رحمها قبل الطلاق , وهذه النفقة قابلة للزيادة بالرغم من كونها تستولي على اكثر من ثلاثة ارباع راتب الزوج المطلق … اضافة الى ما يغدقه المحسنون على المطلقات في منظمات المجتمع المدني وفي الجوامع والحسينيات رأفة بهن باموال ومواد من داخل البلاد وخارجه , ناهيك عن حصولهن على راتب الرعاية الاجتماعية …
اذن علينا اعادة النظر ليس في التثقيف على نعمة العلائق الزوجية فحسب وانما على صاحب المال السخي ان يعرف الى من يعطي وهل انه سيجد طريقه الصحيح لمرضاة الله اولا واصلاح المجتمع ثانيا ام انه سيفسد المجتمع ويشجع البنات على الطلاق وحينها لات ساعة مندم …
ماجد عبد الرحيم الجامعي