ثمة استحقاقات وطنية تتطلب في العراق رؤية مشتركة لكل ممثلي اطياف الشعب العراقي ومثل هذه الاستحقاقات ستكون حاضرة وبقوة في المشهد العراقي خلال المدة المقبلة ولابد من اتخاذ القرار المناسب لها وخلافاً لما يراهن عليه اعداء العراق والمتربصون بتجربته الديمقراطية فأن التوافق السياسي وحسم الخيارات امام رزمة من الملفات سيكون كفيلا بنزع فتيل أية ازمات مستقبلية ينتظرها طويلا هؤلاء المتربصون ولعل قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها وكل مايتعلق بالمادة 104 من الدستور العراقي في مقدمة هذه الملفات التي جرى ترحيلها طويلا بتعاقب الحكومات العراقية ومن المهم القول ان كثيراً من الملفات العالقة في العراق والقضايا الداخلية الخلافية لها ارتباط كبير بتحديات امنية وعسكرية وسياسية مهمة تتحدد فيها اشكال العلاقة بين المركز والاقليم والعلاقة بين العراق ومحيطه الاقليمي والعربي والدولي وقد دلت الاحداث التي شهدها العراق في الاسبوع المنصرم على هذا الارتباط الذي نتحدث عنه فقد تحول قرار محلي وادارة محافظة كركوك برفع علم كردستان فوق المباني الحكومية في المحافظة الى ازمة سياسية تفاعل معها ممثلو المكونات في محافظة كركوك وتسببت في اثارة مشاعر المواطنين العرب والتركمان وامتدت هذه الازمة الى جوار العراق وصدرت بيانات وتصريحات من الولايات المتحدة الاميركية وتركيا وايران تحذر من تداعيات هذا القرار وتعمق كثيراً الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ليفصل كثيرًا في الموقف التركي من القرارات التي اتخذها مجلس محافظة كركوك وانفراده بتقرير مصير المحافظة وارتباطها السياسي ومما يثير الانتباه ان القائمين على ادارة اقليم كردستان لم يبذلوا جهوداً كافية لاحتواء هذه الازمة بل انبروا للتناغم معها وصعدوا في تحركاتهم السياسية من خلال الاعلان عن المضي قدماً في تنفيذ الاستفتاء المتعلق باستقلال كردستان واشراك محافظة كركوك في هذا الاستفتاء فيما لم تصدر الحكومة العراقية سوى بيان خجول يطالب بالتراجع عن الخطوات التصعيدية في هذا الملف واذا كان ملف كركوك قد حضر بقوة في هذه المرحلة فأن ملفات أخرى متتالية ومتعاقبة ستكون هي ايضاً حاضرة وبقوة في الايام المقبلة تتعلق بالاوضاع السياسية في الموصل والانبار وديالى والبصرة وتتمثل بالخلافات حول الصلاحيات وتوزيع الثروات والانتخابات المحلية والعلاقة مع دول الجوار والتحديات الامنية والعسكرية مما يتطلب حضورًا حكومياً وبرلمانيًا واسعاً فيها لحسم المسارات واتخاذ القرارات المناسبة .
د.علي شمخي
حسم المسارات !
التعليقات مغلقة