جمال جصاني
بعد سلسلة من الهزائم الحضارية والسياسية والقيمية، انجلى المشهد العام في هذا الوطن المنكوب عن حقيقة لا يطيق مواجهتها غير القليل من الضاجين على مسرح الاحداث منذ الفتح الديمقراطي المبين الى لحظة الاعلان عن عودة الروح لمومياء الخلافة الاسلامية في مضارب العراق والشام. حقيقة الصعود الكاسح لفصيلة الذيول، وتسللها لشتى مناحي الحياة وخاصة المفاصل الحيوية للمجتمع والدولة. مخلوقات تتصدى للقضايا المصيرية للوطن والناس بكل خفة واستهتار من دون ذرة احساس تجاه ما يتربص بنا جميعاً من مخاطر مدمرة جراء هذه المواقف والاستعراضات الخاوية.
وللتأكد من مثل هذه الحقائق المؤلمة، لا يحتاج المرء لكثير من الجهد لاكتشاف ذلك لدى جميع الكتل والتيارات المتنفذة منها وغير المتنفذة، حيث الجميع منخرطون في كرنفال الذيول الوطني هذا. ومن الاهمية بمكان الاشارة الى ان جذور هذا التدهور البنيوي تعود الى عقود مضت، عندما تمكنت المؤسسات الاخطبوطية للحقبة التوليتارية من استهداف لا القوى والشخصيات الحية وحسب بل ما يمكن ان يتحول الى مشاريع لتحرر البلد واعادة بنائه مجدداً.
هيمنة الذيول، هي من تقطع الطريق أمام أي تحول جدي ينتشل الوطن والناس من الكارثة المحدقة بحاضرهم ومستقبلهم.
ومن يجد لديه الوقت والشجاعة لتفحص عينة عشوائية من السير الذاتية للضاجين اليوم في المشهد الراهن، وخاصة ما يعرف بـ (الصقور) سيندهش لنوع وعدد التجارب التدجينية التي عاشوها، ليثبتوا اخلاصهم لصرخة دمار المجتمعات والاوطان المجربة: (اذا قال فلان .. قال..). لذلك مع هذه الارتال من الذيول لا يمكن الحديث عن حلول أو تسوية تاريخية تنتشل أحد أجمل البلدان واثراها مما يتربص به من مخططات عدوانية، فالتسوية الحقيقية تحتاج الى زعامات حرة ومسؤولة وشجاعة، وهذا ما تفتقده الذيول من شتى الازياء والبيارغ والرطانات.
والمصيبة التي لا يمكن تجاهلها؛ ان أكثر الذيول خفة وصلافة نجدها لا في السلطات الثلاث بل بين ردهات ما يعرف بـ (السلطة الرابعة) حيث الفصائل التي ادمنت مهمة نقل عدتها وديباجاتها من كتف الى كتف آخر.
هؤلاء الذين أسهمت فضلاتهم السامة، وقدراتهم المجربة في مجال تزييف الحقائق وفتل عنقها لصالح حيتان التشرذم والشراهة والتعصب؛ في رفع منسوب العتمة والغيبوبة والضياع الى مستويات مهلكة. ومن المؤسف ان لا تحرك كل هذه المآسي والمحن عقول وضمائر من تنطع للمسؤوليات التاريخية في هذا الظرف العصيب الذي نمر به جميعاً، وان لا ينتبه ولو متأخراً لاحتياطات الدمار الشامل هذه … الذيول.