مراهقون متحمسون يلتحقون بجوامع تحت سيطرة التنظيم
الموصل – وكالات:
دهش الحاضرون حينما دخل طفل ملثم إلى دكان الحاج حمدون واشترى ما يحتاجه من المكان دون كلام ثم خرج وهو يحمل بيده كيساً من الجبس والسكاكر والحليب وبالأخرى سلاحاً رشاشاً يتدلى على طوله.
عبد الله الذي لم يتجاوز التاسعة هو أصغر متطوِّع مع تنظيم داعش في الموصل حيث قُتل شقيقه الأكبر ووالده القيادي في التنظيم ذاته أثناء اشتباكات بين المسلحين والقوات الأمنية عام 2013 فانخرط الطفل للعمل مع المتشددين.
ورغم أنه أصغر العاملين مع داعش لكنه ليس الطفل الوحيد المتحمس لحمل السلاح فمنذ دخول التنظيم إلى الموصل بدأ باستقطاب المراهقين والشباب بين (10 – 30 عاماً) لأن المقاتلين الذين أسقطوا الموصل لا يتجاوز عددهم أربعة آلاف مقاتل وهذا العدد لا يكفي لإحكام قبضتهم على الموصل والسيطرة على مدنٍ أخرى.
كما أنها تفتح جبهات قتال عديدة مع القوات الأمنية الحكومية والميليشيات المسلحة التي تساندها والموصليون يعلمون إن من يمسك بزمام الأمور اليوم هم شباب المدينة الذين تطوعوا مع داعش ومنهم حديثي العهد بحمل السلاح ولم تمر سوى أيام قليلة على عملهم، أما “الفاتحون” الذين دخلوا الموصل فهم يخوضون اليوم معارك في تكريت والأنبار وديالى وكركوك.
المتطوعون مع التنظيم من أمثال عبد الله وضع لهم التنظيم شروطاً خاصة للانضمام رغم حاجته لهم أولها بيعة ولي الأمر على السمع والطاعة حتى الموت والمقصود هنا “الوالي” ومن يتراجع عن البيعة يصبح مرتداً يجب قتله.
ويُشترط على المتطوعين أيضاً الحصول على تزكية أحد العاملين مع التنظيم ممن لا تقل “خدمتهم الجهادية” عن سنتين وتشمل حسن السيرة والسلوك والالتزام بتعاليم الشريعة الإسلامية على نهج أهل السنة والجماعة، ولا يتم قبول انضمام عناصر الأجهزة الأمنية إلا بعد مرور عام على إعلانهم “التوبة”.
الحاج حمدون اعتاد على رؤية عبد وهو متسلحاً بتلك البندقية التي يحملها بصعوبة وفخرٍ معاً مثلما اعتاد على مشاهدته وهو يؤدي واجب الحراسة مع مقاتلين آخرين أمام أحد مقار داعش والذي هو في الأصل منزل احد المسؤولين الحكوميين.
أحد الفضوليين أراد فتح حوار مع عبد فقل له “إبني في مثل عمرك وهو ليس متحمساً لحمل السلاح فهو يقضي معظم وقته على شاشة الكومبيوتر فقط “، فتولى الإجابة مسلح ضخم بدا وكأنه المسؤول عن عبد الله وقال “أطفالنا لا يضيعون وقتهم في الألعاب الإلكترونية ولا بمتابعة الأفلام الكارتونية وحلمُهم هو إقامة الدولة الإسلامية”.
وأضاف المسلَّح وهو يربت على كتف الصغير” أملنا في عبد الله وأبناء جيله أن يفتحوا جميع أراضي العراق وبلاد فارس ويحرروا القدس الشريف”.
منذ أسبوع وأم سعد تعيش أزمة عائلية لأنها فشلت في إقناع ابنها الوحيد عن العدول عن رأيه في التطوع لحمل السلاح، وحاولت جاراتها تهدئة الموقف وأخبرنها إن خمسين شاباً من الحي انضموا في الأيام الماضية إلى داعش وآخرون في طريقهم إلى الالتحاق.
أم سعد لم تستسلم للأمر وغادرت إلى مركز التطويع القريب من بيتها حيث يتلقّى المتطوعون دروساً دينية وفق العقيدة السلفية وتدريبات حول استخدام الأسلحة واللياقة البدنية، هناك التقت أم سعد بالأمير المسؤول وأقنعته بعدما ذرفت الكثير من الدموع أن يعيد لها ابنها المعيل الوحيد لها ولبناتها الست فهي لا تحتمل أن تفقده مثلما فقدت شقيقه الكبير من قبل.