متابعة ــ الصباح الجديد :
رغم أن “عملية البحر الميت” التي حصلت قبل ثلاثة أيام استهدفت الجانب الإسرائيلي وأسفرت عن إصابة جنديين بجروح طفيفة كان لنتائجها وقعا أكبر داخل الأردن، وهو ما انعكس لحظة الإعلان عنها والكشف عن منفذيها وما صدر لاحقا من مواقف “ملتبسة” ورسمية قال مراقبون إنها ستفرض “تحديات وتداعيات”.
العملية هي الثانية من نوعها في غضون شهر على خط الحدود التي تربط الأردن بإسرائيل، وحملت طبيعة “استثنائية” من ناحية التخطيط والإعلان الواضح عن هوية الشخصين المنفذين، وكذلك الأمر بالنسبة للجهة التي وجدت وضعت نفسها في دائرة استهدف ودفاع، والمتمثلة بحزب “جبهة العمل الإسلامي” وجماعة “الإخوان المسلمين”.
وكانت الجهتان المذكورتان باركتا العملية بعد حصولها فورا، وعبرتا عن مواقف ذهبت باتجاه التبني والتأكيد والإشارة إلى انتماء الشخصين المنفذين للحركة الإسلامية، لكن سرعان ما انقلبتا على التعاطي الأول بمضامين مغايرة، في مسعى لمواجهة حالة جدل واسعة سادت داخل الأوساط الأردنية.
وجاءت “مباركتهما الأولى” بعدما تم الكشف عن هوية المنفذين وهما عامر قواس وحسام أبو غزالة، في أعقاب انتشار تسجيلات لهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي ظهرا فيها وهما يتلوان “وصية” بشكل منفصل، كما أطلقا وصف “الشهيد الحي” على أنفسهما.
ويوضح الخبير الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة أنه من الصعب عزل سياق “عملية البحر الميت” عن كل ما يجري في المنطقة، وبينما يشير إلى حوادث حصلت سابقا على صعيد اختراق الحدود بين الأردن وإسرائيل يقول إن الحادثة الأخيرة تخفي الكثير ورائها.
ولم يسبق أن شهد الأردن تنفيذ عملية من أراضيه باتجاه إسرائيل بشكل معد مسبقا وصل إلى حد تسجيل “وصايا” وهي ظاهرة لم نراها سابقا.
ويتابع بالقول: “نحن لا نتحدث عن عمل فردي غير منظم، ويبدو أن العدد المرتبط بالتنفيذ كان يتجاوز الشخصين”.
ومن جانبه يعتقد العميد السابق في مديرية المخابرات الأردنية، عمر الرداد، أن عملية “البحر الميت” سيكون لها تداعيات حول علاقة “الإخوان” مع الدولة الأردنية.
ويتابع أن “الجماعة يبدو أنها كسرت جزءا من العلاقة التي بنيت تاريخيا مع الدولة الأردنية، وفق مقاربة اللا سلم واللا حرب”.
فردية أم منظّمة؟
وفي بيانه الأول، وصف حزب “جبهة العمل الإسلامي” العملية بـ”البطولية”، وقال إن منفذيها امس الاول الاثنين من “شباب الحركة الإسلامية”، كما دعا الحكومة لإعادة النظر بكافة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ووقف الممر البري و”إعادة العمل بالجيش الشعبي”، على حد تعبيره.
وبعد ذلك نقلت وكالة “فرانس برس” عن الناطق باسم جماعة “الإخوان المسلمين”، معاذ الخوالدة قوله إن المهاجميْن “من أبناء الجماعة، وكانا يشاركان دائما في الفعاليات المتضامنة مع غزة والمؤيدة للمقاومة”.
وأثار ما سبق ردود فعل واسعة عبّر عنها مسؤولون أردنيون سابقون وصحفيون وكتاب. وجميع هؤلاء انتقدوا السلوك غير المسبوق في الداخل الأردني، واعتبروه كسرا “للمحرمات التي تضعها الدولة منذ سنوات”.
وشيئا فشيئا، وبينما كانت دائرة الجدل تتسع عدّل الحزب وجماعة “الإخوان” مواقفهما بمضامين مختلفة.
ومنذ بداية الحرب في غزة دائما ما كانت الأضواء والتوترات تتسلط باتجاه الخط الفاصل بين الأردن وإسرائيل.
ما سبق انعكس عندما نفذت إيران هجومها الأول ضد إسرائيل وما ترافق مع ذلك من تهديدات وجهتها طهران لعمّان في حال مشاركتها في عمليات الاعتراض.
وتوسعت الدائرة بالتدريج لتصل إلى حد التحذيرات التي أطلقها مسؤولون أردنيون وإسرائيليون بشكل منفصل من محاولات لإحداث فوضى وزعزعة استقرار داخل الأردن، من أجل تحقيق أهداف أوسع.
وكانت وسائل إعلام عبرية أيضا، بينها صحيفة “يسرائيل هيوم” أشارت، في فبراير 2024 إلى أن الجيش الإسرائيلي غيّر مؤخرا “انتشاره العملياتي” على الحدود مع الأردن.
وقالت حينها إن الخطوة جاءت في أعقاب الارتفاع الكبير في تهريب الأسلحة من المملكة، و”المخاوف من هجمات إرهابية ترعاها إيران، يمكن أن تقع على طول الحدود في 2024″.