تظاهرات ولكن!

سلام مكي

التظاهر السلمي حق مشروع كفله الدستور، وأسبغ حمايته على المتظاهرين السلميين، مهما كانت الظروف، على اعتبار أن التظاهر صورة من صور التعبير عن الرأي المكفول دستوريا هو الآخر. والتظاهرات، حالة يعبر فيها الشارع، أو فئة معينة أو شريحة من المجتمع عن مطالب معينة، أو الاعتراض على إجراء قامت به الحكومة المركزية أو المحلية، فيتوجهون الى الشوارع، رافعين شعارات ومرددين هتافات، تطالب بإجراء معين، أو إلغاء أمر أو قرار ما، يرون أنه يمس حقوقهم. والتظاهرات، كما هو معلوم، لا نجدها إلا في الدول التي تملك هامشا من الحرية، ولها قوانين تسمح بالتظاهر، لذلك لم نسمع يوما أن تظاهرات حصلت في دول معينة، حتى لو كانت لصالح الدولة، كون أن ثقافة التظاهر أصلا معدومة في تلك الدول.

أما في العراق، فكثيرا ما يشهد الشارع العراقي تظاهرات، سواء في بغداد أو المحافظات، أما للمطالبة بقضايا داخلية تخص المحافظة، أو تخص الشأن العراقي العام، وكلنا يتذكر كيف أن تظاهرات عام 2019، والتي سميت بانتفاضة تشرين، كيف ساهمت الى حد كبير بتغيير الواقع السياسي والاجتماعي للبلد، وكيف ساهمت بكسر حواجز ما كان لأحد أن يتجاوزها لولا التظاهرات.

وفي هذه الأيام، نسمع عن تظاهرات شبه يومية في مدينة الناصرية، والسبب يعود الى وجود مطالبات غير متحققة للمتظاهرين، الذين يبدو أنهم يتحركون بمركزية واضحة، إضافة الى ذلك هو غياب الجدية في معالجة تلك القضايا المعلقة منذ تظاهرات عام 2019، حيث من المؤكد أن هنالك حلولا قانونية يمكن اللجوء اليها، تفاديا لما حدث، وتجنبا للتصعيد الأمني في تلك المدينة. كذلك تشهد مدينة الحلة تظاهرات مستمرة، من قبل فئة من المتقدمين للحصول على درجات وظيفية، حيث يتظاهر المئات من الخريجين الذين لم تظهر أسماؤهم قوائم المقبولين والسبب، وهو ما دعاهم الى تظاهرات شبه يومية، داخل المدينة، وهو حق دستوري وقانوني لهم، لكن المشكلة أن تلك التظاهرات، تسبب إرباكا للمدينة، كون أن قطع الطرق يؤدي الى فوضى مرورية، وشل حركة المرور، وهو ما يؤثر على حقوق الآخرين في التنقل!!

 

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة