مشترو النفط الروسي مترددون
الصباح الجديد ـ متابعة:
توقع محللون نفطيون استمرار مكاسب أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري في ظل تصاعد أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا، التي أدت إلى مخاوف واسعة على إمدادات الطاقة وتوجس من تأثير العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا، خاصة في القطاع المصرفي المرتبط بصفقات النفط والغاز.
ويتطلع محللو السوق إلى ردة فعل تحالف المنتجين في “أوبك+” لاستعادة التوازن في السوق النفطية خلال اجتماع وزراء الطاقة في التحالف الأربعاء المقبل لمناقشة مستجدات السوق، خاصة بعد اندلاع الحرب.
وأعرب المختصون عن مخاوفهم من تأثير العقوبات الجديدة على روسيا على تدفقات النفط والغاز، حيث ستمنع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا البنوك الروسية من الوجود في نظام الدفع الدولي “سويفت” إلى جانب فرض قيود واسعة على البنك المركزي الروسي. وذكروا أن سوق النفط في حالة ترقب وعدم يقين بسبب الوضع الملتبس في أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي بشكل عام، حيث لم يتم بعد الكشف عن تفاصيل كيفية تنفيذ العقوبات على روسيا لذلك لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه التحركات الجديدة ستؤثر في وجه التحديد على استقرار سوق النفط.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي، العضو المنتدب لشركة “كيو إتش أي” لخدمات الطاقة إن فاتورة الحرب باهظة على الجميع، خاصة على إمدادات وأسعار الطاقة، التي ستواصل مسيرات المكاسب القياسية، مرجحا أن عديدا من المشترين سيكونون أكثر ترددا في شراء النفط الروسي وسيبحثون عن البدائل من منتجين آخرين.
وتوقع حدوث انخفاض واسع في النفط الخام الروسي وخروجه تدريجيا من أسواقه التقليدية في أوروبا، مشيرا إلى أن الابتعاد عن الخام الروسي في ظل الظروف الراهنة وصعوبات إبرام الصفقات بسبب القيود على البنوك سيؤدي إلى دعم سعر خام برنت.
ويرى، دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة “تكنيك جروب” الدولية أنه من الصعب استقرار الأسواق في ظل مناخ الحرب الراهن، حيث من الطبيعي أن تشتعل أسعار الطاقة إلى حين أن تتلقى إشارات تهدئ من المخاوف في الأسواق، لافتا إلى اكتفاء الرد الغربي بالعقوبات قلل نسبيا من مخاوف اتساع نطاق المواجهات العسكرية، موضحا أن الإدارة الأمريكية قالت إن العقوبات الروسية ستكون أشبه بالعقوبات الإيرانية، وذلك لحث موسكو على التراجع عن المضي قدما في الهجمات العسكرية.
وعد أن إخراج روسيا من نظام “سويفت” سيفاقم المصاعب أمام مصدري النفط الروس مع تراجع البنوك والتجار عن التعامل مع صفقات شراء النفط الروسي، مشيرا إلى أن توقعات صادرة عن شركة “رابيدان إنرجي” ترجح أن الولايات المتحدة وأوروبا تأملان في استمرار تدفق النفط والغاز الروسي، ولكنهما يخفضان عائدات النفط لدى موسكو.
ومن ناحيته، يقول بيتر باخر، المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة إن مخاوف السوق هدأت نسبيا في ضوء اتجاه الولايات المتحدة إلى عدم فرض عقوبات على صادرات الطاقة الروسية، لأن ذلك سيضر المستهلكين الأمريكيين أكثر من الحكومة الروسية– بحسب التقديرات الأمريكية.
وأشار إلى أن المخاوف من استمرارية الأعمال العسكرية لفترة طويلة ما زالت مهيمنة على السوق رغم جهود الاحتواء من أطراف دولية عديدة، حيث تعهدت وكالة الطاقة الدولية ، على سبيل المثال ، بالمساعدة في ضمان أمن الطاقة العالمي في خضم الأزمة، كما أكدت شركات دولية مثل “تي دي سيكوريتيز” أن الولايات المتحدة وحلفاءها يريدون إلحاق الألم بروسيا، لكنهم لا يريدون إعاقة قدرتها على توصيل منتجات الطاقة إلى العالم. وأكد أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة “أفريكان ليدرشيب” الدولية أن تطورات الصراع ستكون الحاسمة لمسار الأسعار في الأيام المقبلة، علاوة على نتائج اجتماع وزراء تحالف “أوبك+”، الذي على الأرجح لن يغير مستوى الزيادات الإنتاجية الشهرية، لافتا إلى أن أغلب الحكومات الغربية تدعم فكرة عدم فرض عقوبات على صادرات الطاقة.
وأشار إلى أن شحنات النفط الروسية تواجه صعوبات جمة، وأيضا بعض شحنات دول المنطقة، حيث إن شركات التأمين إما ترفض تغطية السفن وإما أنها تطالب بأقساط ضخمة للقيام بذلك، إضافة إلى أنه في المقابل تعارض أوروبا منع روسيا من شبكة “سويفت” المصرفية الدولية، مؤكدة أن الغزو الروسي لأوكرانيا تسبب في إثارة الذعر في سوق النفط العالمية، التي كانت بالفعل ضيقة بشكل خطير بسبب عدم قدرة العرض على مواكبة تعافي الطلب من الوباء، وهو ما اضطر الولايات المتحدة بالتعاون مع الدول المستهلكة الرئيسة الأخرى إلى اتخاذ قرار بإصدار منسق للاحتياطيات النفطية الاستراتيجية. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أكد الخميس أن الولايات المتحدة ستفرج عن نفط إضافي من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي تبعا لمقتضيات الحاجة، مشيرا إلى أن شركات النفط والغاز ينبغي ألا تستغل الأزمة لرفع الأسعار وعليها العمل لتأمين إمدادات عالمية من الطاقة.
وأضاف بايدن أن واشنطن تراقب سوق الطاقة، وتعمل على التنسيق مع الدول المصدرة للنفط للحفاظ على مستويات الإمدادات للسوق العالمية.
وتجتمع “أوبك” وحلفاؤها، ومنهم روسيا المعروف باسم “أوبك+” الأربعاء المقبل لتحديد ما إن كانوا سيلتزمون باتفاق الإنتاج الراهن، الذي يقضي بزيادة الإنتاج 400 ألف برميل يوميا في أبريل المقبل.
ومن جانب آخر، ارتفع عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة بمقدار خمسة حفارات هذا الأسبوع، وهي الزيادة الأسبوعية الـ18 على التوالي في عدد منصات النفط والغاز في الولايات المتحدة.
وقال التقرير الأسبوعي لشركة “بيكر هيوز” الأمريكية إن إجمالي عدد الحفارات وصل الآن إلى 650، حيث يراقب العالم أي علامات على زيادة الإنتاج من الولايات المتحدة، التي من شأنها أن تسمح بالاستغناء عن النفط الروسي – على الأقل جزئيا.
وذكر التقرير أن إجمالي عدد الحفارات النشطة – النفط والغاز والمتنوعة – أعلى بمقدار 248 منصة من عدد الحفارات هذه المرة في 2021. وأشار إلى ارتفاع الحفارات، التي تعمل بالنفط بمقدار 2 إلى 522، بينما ارتفعت الحفارات، التي تعمل بالغاز بمقدار 3 إلى 127 فيما ظلت الحفارات المتنوعة على حالها.
ولفت إلى بقاء الإنتاج الأسبوعي للولايات المتحدة من النفط الخام على حاله للأسبوع الثالث على التوالي عند 11.6 مليون برميل يوميا، وفقا لأحدث إدارة معلومات الطاقة.