علي لفتة سعيد
تستعد مدينة البصرة في جنوب العراق لإقامة فعاليات مهرجان المربد الشعري في الرابع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل وسيستمر حتى السابع منه وبمشاركة عراقية وعربية وأجنبية، بعد توقّف المهرجان لعامين بسبب جائحة كورونا ومشاكل إدارية متفرّقة.
والمهرجان كانت تقيمه وزارة الثقافة في العراق منذ عام 1971 ويشارك فيه العديد من الشعراء والأدباء العراقيين والعرب، واستمدّ المهرجان عنوانه من سوق المِربَد التي كانت تقع في قضاء الزبير ضمن محافظة البصرة، وهي أشبه بسوق عكاظ قبل الإسلام، وكانت السوق مخصصة لبيع الإبل والبغال قبل أن تتحوّل خلال العصر الأموي إلى ملتقى للشعراء والأدباء والنحاة الذين كانوا يجتمعون فيها وينظّمون مناظراتٍ شعرية وحلقات نقاشية وفكرية، وبخلاف الأسواق الأدبية الأخرى التي كانت مخصصة لأقوام الجزيرة العربية، كانت سوق المربد متّسعًا لأعراق مختلفة من فرس وصينيين وهنود وأقباط وعرب، ومن أبرز شعراء المربد جرير والفرزدق وبشار بن برد وأبو نواس، كما أن الجاحظ والكندي وسيبويه والأصمعي والفراهيدي كانوا من أشهر رواد السوق التي تعرضت إلى الاندثار قبل قرون.
وكان المهرجان قد أُجّل لدورتين بسبب جائحة كورونا وحين أُريد له أن يُقام حصلت مشاكل إدارية ما بين وزارة الثقافة واتحاد الأدباء في البصرة. ومن أجل توضيح الحقائق قال رئيس الاتحاد الأدباء والكتّاب في البصرة، الدكتور سلمان كاصد، إن سبب تأجيل مهرجان المربد جاء لعدة أسباب أهمّها جائحة كورونا، وكذلك لسبب أمني متمثّل بالأحداث التي مرّت بها المدينة قبل وبعد الجائحة، إضافة الى فصل الصيف الذي ترتفع فيه دراجات الحرارة الى أكثر من 50 درجة مئوية في البصرة. وأضاف إن الوضع الآن مستتب، فجائحة كورونا بدأت بالانحسار، لا سيما بعد الإقبال الكبير على أخذ اللقاح، ومن ثمَّ الهدوء والاستقرار الأمني، فضلًا عن تغيّر درجات الحرارة وانخفاضها. واعتبر رئيس الاتحاد مهرجان المربد هوية البصرة الثقافية التي لن يتخلّى عنها أدباء المحافظة والجميع يعدّه كرنفالًا ثقافيًا لا يشكّل الشعر كيانه فقط، بل الدراسات النقدية، والفعاليات الفنية إن كانت على مستوى التشكيل أو الفوتوغراف أو الغناء أو المسرح. وعن المشاكل التي صادفت انعقاده قال كاصد إن اتحاد ادباء البصرة واتحاد الأدباء المركزي العام تمكنّا من الوصول إلى أصحاب القرار في وزارة الثقافة وهو الأمر الذي جعل الوزير يوافق على دعم المهرجان ماديًا ولوجستيًا.
فعاليات ومدعوون
من جهته قال نائب رئيس الاتحاد والناطق الإعلامي لمهرجان المربد الشعري، الشاعر حبيب السامر، إن مهرجان المربد سيحمل شعار المهرجان (المربد.. واحة الشعر) وقد تم الاتفاق مع وزير الثقافة والسياحة، الدكتور حسن ناظم، على أن يحمل المهرجان اسم الشاعر الراحل إبراهيم الخيّاط. وأضاف أن اللجنة التحضيرية للمهرجان اجتمعت ووضعت الخطوط العامة لفعاليات المهرجان ومنها مشاركة 250 مدعوًا من الشعراء والأدباء بما في ذلك مشاركة عدد من المدعوين من دول أجنبية وعربية وشعراء من العراقيين في الخارج. وأكد أن مهرجان هذا العام سيكون مغايرًا من حيث الاستعدادات بما يليق ومكانة العراق وتاريخه الثقافي، خاصة وأن المهرجان يعد صورةً مشرقةً للشعرية العالمية والعربية والعراقية، وعند منصة الشعر يلتقي الشعر كلّه. وبحسب السامر فإن المهرجان يعدّ أيضًا كما كان سابقًا سوقًا لقول الشعر، وإن انعقاده في هذه الظروف يمثّل تحديًا كبيرًا لمن يريد أن تخمد جذوة الجمال. وبيّن الناطق الإعلامي أن اللقاء مع وزير الثقافة ذلّل الكثير من الصعوبات وجرى الاتفاق على أن تكون محاور نقدية سيشارك فيها نقاد وأكاديميون ومنها محور (الشعر في جائحة كورونا) ومحور (إبراهيم الخياط شاعرًا ومثقفًا) وكذلك محور (الشعر بوصفه منتجًا معرفيًا) و(الشعر والتلقي في مواقع التواصل)، فضلًا عن تضمّن المهرجان فعاليات فنية وموسيقية وتشكيلية وسينمائية، ولفت الى أنه تمّ الاتفاق على سبع جلسات شعرية وثلاث جلسات في مدن القرنة وأبي الخصيب وفي الزبير وهذه الجلسات تعد سابقة مهمّة تقام لأوّل مرّة في الأقضية والنواحي، موضحًا أن الجلسات ستقام في وقت انعقاد الجلسات الشعرية وبمشاركة أدباء عرب وأجانب وعراقيين في الخارج إلى جانب شعراء بغداد والمحافظات وشعراء القضاء نفسه، لتكون نافذة ثقافية جديدة تقام لأول مرّة. وركّز السامر على وجود تعاون تام ومستمر بين الجهات الداعمة والمساندة للمهرجان ومنها وزارة الثقافة والسياحة والآثار ومحافظة البصرة بدوائرها وشركاتها التي تمد يد العون والإسناد لبرامجنا الثقافية وملتقياتنا الإبداعية. وذكر السامر أن من المؤمل أن يشارك شعراء وأسماء أجنبية معروفة سيعلن عنها لاحقًا من بريطانيا وهولندا وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول.
وبحسب السامر فإن حفل الافتتاح سيكون في فضاءٍ مفتوح، وهو ما تمّ الاتفاق عليه مع محافظة البصرة مؤكدًا: نريد عقده بطريقةٍ تخلو من الترهّل وبقليلٍ من الأخطاء وكثير من الجمال، مثلما تمّ الاتفاق على تولّى لجنة القراءات إعداد الجلسات على أن لا يتجاوز عدد المشاركين في الجلسة الواحدة عشرة شعراء. وقال إن اللجنة التحضيرية شكلّت لجانا لتسلّم النصوص، وكذلك البحوث والدراسات لجمعها وإصدارها بكتابين، واحد للشعر وآخر للدراسات، وسيتم طبعهما في دار الشؤون الثقافية في بغداد، وسيوزّع الكتابان خلال المهرجان.
*عن ضفة ثالثة