بغداد ـ وداد ابراهيم:
صدر للكاتب جمال حيدر رواية بعنوان (اجنحة في سماء بعيدة) عن دار لندن للطباعة والنشر.
ينطلق الكاتب في روايته الصادرة حديثاً في العاصمة البريطانية لندن، من الانتفاضة الشعبية عام1991 من خلال خمس شخصيات رئيسة متناقضة مستغنياً عن مبدأ البطولة الفردية واستعاض عنها بالبطولة الجماعية.
حدثنا الكاتب عن هذه الرواية قائلا: نعم هناك شخوص هم الابطال في الرواية وهم: ستار، وجميل، وعبود، وجعفر، والسيد إسماعيل، إضافة إلى شخصيتي مديحة وأميرة اللتين تلعبان دوراً مهماً في النص الروائي، وأخرى ثانوية مؤازرة للعمل وأحداثه. يتكأ العمل في الكثير من صفحاته على معطيات الموروث الديني والاجتماعي بما ينطوي عليه من أبعاد أسطورية التي تؤسسها الذاكرة الجمعية. كما يعتبر، في الوقت ذاته تسجيلاً روائياً لأحداث شهدها العراق في مطلع التسعينات، إثر انسحاب الجيش العراقي من الكويت. عاد حينها الجنود محملين بأسى بعدما لامسوا عبث الحروب، وما شهدته البلاد من أحداث توالت لتشكل منعطفاً شاخصاً في تاريخها وتاريخ المنطقة معاً في آذار / شعبان، عام 1991 حين أعلن العراقيون أولى الانتفاضات الشعبية المسلحة التي يعلنها شعب عربي ضد سلطة حاكمة… انتفاضة فجرها فتية في عمر الزهور، رفعوا راية الضد فوق هامتهم، أعقبها سقوط المحافظات الجنوبية ومن بينها مدينة النجف التي تدور فيها أحداث الرواية.
وتابع: تمكنت السلطة حينها من إخماد الانتفاضة، لكنها ظلت تعتمل في قلوب الناس، لتغدو تالياً الخطوة الأهم لانهيار النظام وسقوطه لاحقاً باجتياح عسكري دولي مباشر، لا تزال آثاره شاخصة لغاية اليوم في الحياة العراقية بكل تفاصيلها.
وظفت الهجمات التي تشنها قوات الحرس الجمهوري ضد المنتفضين الذين يتخذون من المقبرة ملاذاً لهم، بصورة تنقل الحياة الفاصلة بين الأحياء على سطح الأرض والأموات تحتها، إلى جانب علاقة المدينة وسكانها وتفاصيل حياتهم بالمقبرة، وادخلت عنصر التشويق بهجوم النمل الأحمر – الرمزي على المقبرة والمدينة برمتها، لكنه يتوقف قبل أن يصل إلى المرقد وقبابه اللامعة التي تبدو للرائي من بعيد.
واكمل: علما أن الرواية تستمد عنوانها من الجملة الختامية من الرواية ومغزاها العام «في الليلة الأخيرة، أطفأ الرجال الشموع ورقدوا في سكون لما بقي من الليل، بعدما تبادلوا ذكرياتهم بشيء من الطرافة رغم عسرها وشقائها. في اليوم الأول لعيد الفطر، دبّت الحياة في دروب المقبرة الترابية. حشود من كتل بشرية تندفع لزيارة موتاها، لتغدو الفرصة السانحة للرجال بالهروب من المقبرة وهم يحملون هويات مزوّرة. ترك الرجال المقبرة بعدما ابتلعهم الزحام، ومضوا صوب موقف السيارات الواصلة إلى بغداد. استقلوا السيارة كغرباء بعدما نمت لهم أجنحة واسعة ليحلّقوا بها في سماء بعيدة.»