في ذكرى قرار الحظر الجوي لحماية شعب كردستان
السليمانية – الصباح الجديد – عباس اركوازي
تستذكر الخالة امنة محمود وهي مواطنة من محافظة السليمانية الايام العصيبة التي واجهتها، وكيف ضحت بعشرة اشخاص من عائلتها، بعد ان قررت برفقة عائلتها الى جانب اكثر من مليوني شخص اخرين ترك مدن الاقليم بداية شهر نيسان من عام 1991، والتوجه الى الجبال وذلك عقب انهيار الثورة الكردية وتراجع قوات البيشمركة، امام هجوم كاسح شنته قوات النظام الصدامي لاستعادة محافظات كردستان.
وتقول امنة محمود للصباح الجديد، لقد كانت ايام لاتنسى اذا ان مدن الاقليم افرغت من سكانها بعد ان قرروا ترك المدن والتوجه الى المناطق الحدودية، خوفاً من ان تطالهم الالة العسكرية للنظام المباد، الذي قرر الهجوم على مدن الاقليم لانهاء الانتفاضة الشعبية.
وقالت لقد واجهنا ظروفاً معقدة اذ ان مئات الاف الناس فقدوا القدرة على الحصول على الطعام والشراب اللازم للعيش وكان مئات الناس اطفالاً وشباباً وشيوخا ونساءاً يسقطون من قربنا يومياً، بعد تعذر حصولهم على لقمة يسدون بها رمق التعب والجوع الذي داهم الجميع، بعد ان افقدهم الخوف من قصفهم بالاسلحة الكمياوية التفكير في كيفية الحصول على لقمة العيش.
واضافت لقد فقدت ثمانية اشخاص من عائلتي في تلك الهجرة الجماعية، بينهم اطفال ونساء وشيوخ نظرا لعدم قدرتنا على توفير كسرة خبز او كيس من الطحين، فكانت المجاعة عامة سقط خلالها وفقا لاحصاءات رسمية قرابة 100 الف مواطن كردي نزحوا الى ايران وتركيا في هجرة جماعية كتب لها ان تقلب الرأي العام العالمي تجاه القضية الكردية.
وكان مجلس الامن الدولي قد اصدر قبل 30 عاما وفي مثل هذه الايام قراره المرقم 688، الذي تم بموجبه فرض حظر جوي لحماية شعب كردستان من هجمات النظام البعثي المباد، وفرض مجلس الأمن الدولي حظراً جويا عراقياً عند خط العرض 36 شمالاً، وتمركزت الطائرات المنفذة للحظر في قاعدة أنجرليك التركية، وامتد الحظر حتى سقوط النظام البعثي البائد.
وقدمت فرنسا مشروع القرار 688 إلى مجلس الأمن الدولي الذي طالبت فيه بإدانة القمع العراقي للكرد عقب الانتفاضة الشعبية ضد النظام البعثي البائد.
وطالب القرار، العراق بالكف عن ملاحقة الكرد واحترام حقوق الإنسان كما حث هيئات الإغاثة الدولية على التجاوب مع احتياجات اللاجئين الكرد الذين توجهوا نحو إيران وتركيا في هجرة مليونية، كما دعا القرار الى السماح للهيئات الإنسانية بالحرية الكاملة في توصيل المساعدات اللازمة الى المواطنين النازحين من ديارهم بسبب بطش وظلم النظام البعثي البائد.
وكانت القنصلية الامريكية في اربيل قد اصدرت بيانا جاء فيه، “في مثل هذا اليوم في العام 1991 ساعدت الولايات المتحدة الامريكية في تاسيس منطقة آمنة عن طريق فرض الحظر الجوي على خط العرض 36 في العراق لحماية ابناء شعب كردستان”.
واضاف البيان، ان الولايات المتحدة الامريكية تؤكد التزامها بدعم شعب كردستان والاستمرار في دعم اقليم كردستان قوي في اطار العراقي الفيدرالي.
بدوره اكد رئيس إلاقليم نيجيرفان بارزاني أن الخيار الوحيد المتاح “هو أن نخطو صوب مستقبل أفضل من خلال التلاحم والتشارك وبالإفادة من تجارب الماضي، والحوار والتفاهم والاتفاق مع الحكومة الاتحادية العراقية بدعم ومشاركة ومساعدة المجتمع الدولي”، مؤكداً أهمية دور المجتمع الدولي على المساعدة في “اتخاذ خطوات أكبر صوب مستقبل أفضل مشترك وآمن ومستقر ومتقدم مع العراق والمنطقة”.
وقال نيجيرفان بارزاني في بيان بمناسبة حلول الذكرى الثلاثين لصدور القرار الدولي 688، “في هذه المناسبة نكرر تقديرنا وامتناننا للمجتمع الدولي الذي اتخذ قبل ثلاثين عاماً من اليوم قراراً صائباً وصحيحاً. وأثبت شعب كردستان بقيادة الجبهة الكردستانية أنه في حال توفرت له الحرية والفرصة، يستطيع أن يقدم أنموذجاً جيداً ومميزاً”.
ودعا المجتمع الدولي “لدعم ومساعدة الكرد على اتخاذ خطوات أكبر صوب مستقبل أفضل مشترك وآمن ومستقر ومتقدم مع العراق والمنطقة والعالم، للعمل معاً من خلال الشراكة والتعاون، لحماية القيم الإنسانية السامية والعالم المتقدم، والتصدى معاً للعنف والتطرف والإرهاب”.