متابعة ــالصباح الجديد :
انتهت امس الأربعاء الجولة الأولى من محادثات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البرية والبحرية المتنازع عليها. ودارت هذه المحادثات في مقر قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان برعاية واشنطن. وضم الوفد اللبناني أربعة أعضاء، هم عسكريان ومدنيان.
وفي المقابل، ضم الوفد الإسرائيلي ستة أعضاء بينهم المدير العام لوزارة الطاقة، والمستشار الدبلوماسي لنتانياهو، ورئيس دائرة الشؤون الإستراتيجية في الجيش. وسيعقد الجانبان اللبناني والإسرائيلي جولة ثانية من المفاوضات، في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، وفق ما أفاد مصدر عسكري.
ومن المقرر أن يعقد الجانبان اللبناني والإسرائيلي جولة ثانية من المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية، في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، على وفق ما أفاد مصدر عسكري لوكالة الأنباء الفرنسية امس الأربعاء.
وقال المصدر على هامش جولة التفاوض الأولى التي انعقدت في مقر لقوات يونيفيل في منطقة الناقورة الحدودية في جنوب لبنان “موعد الجلسة الثانية حُدد في 28 تشرين الأول (أكتوبر)”.
وساطة أممية
وفي بداية الشهر الحالي، أعلن لبنان وإسرائيل التوصل إلى تفاهم حول بدء مفاوضات برعاية الأمم المتحدة في مقرها في مدينة الناقورة الحدودية، في خطوة وصفتها واشنطن بأنها “تاريخية” بين دولتين في حالة حرب.
وتأتي المفاوضات بعد أسابيع من إعلان كل من الإمارات والبحرين اتفاقي تطبيع مع إسرائيل برعاية أمريكية، ما دفع مراقبين إلى التوقّف عند “توقيت” إعلان بدء المحادثات بالنسبة لإدارة دونالد ترامب قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية الشهر المقبل.
وفي الناقورة، جلس وفدا الطرفين في القاعة ذاتها دون أن يتبادلا الحديث مباشرة بل عبر ممثل للأمم المتحدة، وفق مسؤولين لبنانيين، وبحضور مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، ميسّر الجلسة الافتتاحية، واضطلع السفير الأمريكي جون ديروشيه بدور الوسيط في المفاوضات.
ومن جانبها، وصفت إسرائيل المفاوضات، التي تتعلق بمساحة تمتد لنحو 860 كلم مربع، بـ”المباشرة” وهو ما يصر لبنان على نفيه.
وضم الوفد اللبناني أربعة أعضاء، عسكريَّين ومدنيَّين، هم العميد بسام ياسين والعقيد الركن مازن بصبوص، والخبير التقني نجيب مسيحي، وعضو هيئة قطاع البترول وسام شباط.
وفي المقابل، ضم الوفد الإسرائيلي ستة أعضاء بينهم المدير العام لوزارة الطاقة أودي أديري، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، رؤوفين عازر، ورئيس دائرة الشؤون الإستراتيجية في الجيش.
وأثارت تسمية إسرائيل لسياسيين ضمن الوفد جدلا في لبنان، الذي يصر على طابع التفاوض التقني، على غرار محادثات سابقة جرت في إطار لجنة تفاهم نيسان إثر عملية “عناقيد الغضب” الإسرائيلية في 1996، أو مفاوضات ترسيم الخط الأزرق بعد انسحاب الإسرائيلي في 2000، وأخيرا الاجتماع الثلاثي الذي يعقد دوريا منذ حرب 2006 برئاسة قوات يونيفيل وبمشاركة عسكريين من الدولتين.
ومن جهته، قال الرئيس اللبناني ميشال عون امس الأول الثلاثاء إن “المفاوضات تقنية والبحث يجب أن ينحصر في هذه المسألة تحديدا”.
إنجاز أمريكي؟
وفي إسرائيل، قال مصدر في وزارة الطاقة لصحافيين إن الأمر “مهم لإسرائيل لكنه أيضاً حاسم بالنسبة للجانب اللبناني”، مشيرا إلى أن الأمر قد يحتاج بضعة أشهر فقط إذا لم يكن هناك عوائق.
وتابع “هدفنا أن نحل النزاع حول ترسيم الخط البحري”، مشددا “لا أوهام لدينا، ليس هدفنا أن نخلق نوعا من التطبيع أو عملية سلام”.
وقادت واشنطن على مدى سنوات وساطة بين الجانبين، تكثفت مع توقيع لبنان العام 2018 أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في رقعتين في مياهه الإقليمية، أحداها تقع في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل.
ويرجح أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت هلال خشان التوصل إلى حلّ. ويقول “ليس أمام لبنان خيار أفضل ليتمكن من العمل في البلوك رقم 9”.
لكن الأهم بالنسبة إليه هو النظر في توقيت المفاوضات. ويوضح “ضغط الأمريكيون قبل الانتخابات الرئاسية ليعلنوا عن إنجاز جديد في السياسية الخارجية ، تريد إدارة ترامب أن تظهر أن هناك مسارا للسلام في المنطقة، وستروّج للمفاوضات بالطريقة ذاتها”.
ولا يستبعد ألا يأبه اللبنانيون بالمفاوضات ونتيجتها، كونهم غارقين في أزماتهم المعيشية على وقع الانهيار الاقتصادي.
وأمل رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان مكلفا بالملف، أنه في حال نجح الترسيم أن يكون هناك “اكتشافات” في المنطقة المتنازع عليها لتساعد “في سداد ديننا”.
ردود فعل متباينة
وأثار إعلان بري “اتفاق الإطار” حول المفاوضات، انتقادات في لبنان خصوصاً لحزب الله، الذي يعد الخصم اللدود لإسرائيل ولطالما اعتبر واشنطن وسيطا “غير نزيه”.
واعتبرت صحيفة الأخبار، المقربة من حزب الله، الاثنين الماضي في ملف خصصته للمفاوضات أنّ “قرار التفاوض غير المباشر مع العدو يمثل لحظة ضعف سياسية لبنانية غير مسبوقة”. ورأت أن إسرائيل تبدو “المستفيدة” إذ إن حاجتها “إلى إطلاق آلية تفاوض مباشر أو غير مباشر مع بلد مثل لبنان، يمثل انتصارا للعدو بمعزل عن نتائجه”.
إلا أن حزب الله، الذي ترى فيه واشنطن ذراعا لإيران وتصنفه “إرهابيا”، أكد في بيان لكتلته النيابية ألا علاقة للمفاوضات بـ”المصالحة” أو “بسياسات التطبيع التي انتهجتها مؤخرا وقد تنتهجها دول عربيّة”.
ولا يرى خشان في التفاوض خطوة نحو اتفاقات مقبلة أوسع، باعتبار أنه “طالما ليس هناك من حل بين أمريكا وإيران فلن يتغير شيئ”.
ولطالما أصر لبنان سابقا على ربط ترسيم الحدود البحرية بتلك البرية، لكن المفاوضات ستتركز فقط على الحدود البحرية، على أن يُناقش ترسيم الحدود البرية، وفق الأمم المتحدة، في إطار الاجتماع الثلاثي الدوري. ويعتبر خشان أن موضوع ترسيم الحدود البحرية سهل أمام تلك البرية.
ويوضح “إذا جرى الاتفاق على الحدود البرية سيثير ذلك تساؤلا حول الحاجة إلى سلاح حزب الله، كونه لا يزال يؤكد على ضرورته لاستعادة الجزء المحتل من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا”. ويضيف “حزب الله لن يقبل التخلي عن السلاح”.