ايحاءات من كورونا..
احلام يوسف
على الرغم من ان حالات الشفاء من فيروس كورونا اضعاف حالات الوفيات ، الا انه ظل اسما مرافقا للموت لأسباب عدة، ربما اهمها كونه يعد مجهولا الى هذه اللحظة وبالتالي فالمعلومات عنه تتغير بين الحين والحين الاخر وليس هناك يقينا يمكن ان نسير عليه لتجنبه.
عدة اشخاص التقيناهم بعد شفائهم التام من الفيروس وحرصنا على ان يكون اللقاء بعد شهر او اكثر من تعافيهم، رغبة منا بمعرفة تجربتهم المخيفة التي مروا بها، والافكار التي اجتاحت رؤوسهم في تلك اللحظات وهم يشعرون بان الموت بات قريبا منهم ويتربص بهم:
زهير عبد العزيز اصيب بالمرض منذ حوالي شهرين وتم شفاؤه منه بصعوبة بدأ بجملة “الله لا يعودها على عبد” وقال: كانت تجربة اشد مرارة من العلقم، شعرت باني ميت لا محالة خاصة وان حالتي كانت صعبة حيث رقدت في المشفى لمدة تجاوزت الاسبوعين، مررت بحالة اختناق شديدة، حتى اختصرت احلامي بالاوكسجين، الذي نستنشقه يوميا من دون ان نشعر قيمته الحقيقية.
زهير اب لخمسة اولاد وابنتين، كانوا همه الاكبر في اثناء ازمته الصحية يقول: كنت قلقا حد اللعنة، لا ادري ان مت ماذا سيكون مصيرهم واكبرهم ما زال يدرس في الكلية مرحلة ثانية، شعرت بالتقصير ازاءهم، فربما لو كنت امنت مستقبلهم بصورة ما لم اكن لاقلق الى هذا الحد. عليه قررت ان اعمل واجتهد اكثر كي اوفر لهم حياة افضل واضمن لهم مستقبلا لا يحتاجون فيه احد من بعدي.
علياء الجابري اصيبت بالفيروس وهي بعمر الـ “27” تقول: عندما كنت اسمع بالأخبار من ان الفيروس يستهدف كبار السن تحديدا وبان الشباب والاطفال نادرا ما يصابون به، استخفيت بالحالة، لم اخذ حذري بما يضمن سلامتي، واصبت به لكني احمد الله واشكره كثيرا لاني مررت بهذه التجربة، اذ شعرت حينها وانا معزولة في غرفتي بان الحياة اسخف مما نظن واتفه من تصوراتنا، شعرت باني اريد ان اشفى كي اعيش بصورة افضل، لا الوم احدا ولا الوم القدر على شيء، بل اسعى وراء كل حلم ركنته على الرف لكسل او جزع، اليوم انا اسعى لتعلم الموسيقى احد احلامي الذي طاردني كثيرا ولا ادري كيف تخليت عنه مع اني كلما تقع عيني على العود اشعر بالحنين والرغبة بالعزف عليه، المهم اني ادركت ان الحياة لعبة علينا ان نمارسها بالصورة الامثل وبما يشعرنا بأهميتنا.
عندما قالوا قديما ان الصحة تاج فوق رؤوس الاصحاء لا يراه الا المرضى كان عليهم ان يكملوا الجملة بأن المرض لا يدعنا فقط نحنّ الى تاج الصحة، بل يرينا ايضا العوامل التي تجعل منا ملوكا حقيقيين في هذه الدنيا، بأن نستثمر كل دقيقة تمر علينا من دون فعل خير او من دون تحريك ساكن، ان نجازف ونغامر ولا نخاف من التجارب الجديدة، لان الموت فقط من يعيقنا على تحقيق مرادنا، وطالما نحن احياء علينا ان نستمر بالجري وراء كل حلم بسيطا كان ام عظيما.