فوزي عبد الرحيم السعداوي
1 – نوري السعيد
شخصية عراقية بغدادية من أصول غير عربية، لعب دورا محوريا في السياسة العراقية في الفترة من ١٩٢١ الى ١٩٥٨ حيث كان الحاكم الفعلي للعراق حتى وهو لايحتل منصبا رسميا، كان عروبي التفكير آمن بعائلة الشريف حسين بصفتهم ملوك العرب فاخلص لهم حتى النهاية.
برغم انه كان سياسيا محترفا أجاد كل فنونها لكنه كان رجلا مبدأيا ملتزما بما يؤمن به، صريحا في آرائه وهما صفتان اضرا به كسياسي..لم يعرف عنه اي تجاوز على المال العام،وقد كان يعيش حياة هادئة ومستقرة لم يكن يكدرها سوى سلوك ابنه الوحيد صباح المنفلت، كان السعيد محبا للحياة التي كان يمارسها بكل شغف لذلك لم يكن مستعدا لحرمان نفسه مما متاح لاي سبب فلم يعزل نغسه عن الممارسات اليومية لاسباب امنية فقد كان محبا للغناء وخاصة المقام وهو على الرغم من تاثره بالغرب سياسيا فقد كان يمارس الحياة البغدادية بكل تفاصيلها، وكان ينام بالسطح في الصيف برغم ان جهاز التكييف كان متاحا، مغرم بالأكلات البغدادية
وقد اتيحت لي فرصة مشاهدة بيته بعد ١٤ تموز بايام قليلة حيث كانت لدي صورة عن خيالية حياته وبذخها فخاب املي لان البيت وان كان كبيرا لكنه من الطابوق كبيتنا المستأجر وهذ ما اربك خيالي، وحينها كانت الفنانة فائزة احمد مقيمة في بغداد حيث غنت للفنان رضا علي عدة اغاني وحيث ان صباح السعيد كان من رواد الملاهي فقد تعرف على فائزة احمد، وفي احد الايام وبينما كان يقود سيارته برفقة فائزة احمد و تحت تاثير المشروب قام بدفعها خارج السيارة حيث نقلت للمستشفى وهي تعاني من كسور ورضوض فاقدة الوعي…تقول فائزة احمد انها استعادت وعيها فوجدت نفسها في المستشفى وكان بالقرب من سريرها رجل يرتدي السدارة وما ان احس باستيقاظها حتى بدت عليه اللهفة ثم تكلم معها بلهجة متوسلة راجيا منها السفر والعوده الى بلادها ..ابرز لها بطاقة سفر ومبلغا من المال…كان السعيد صاحب نكتة حيث يروى انه وفي مناسبة في احد السفارات شاهد الشيخ محمد رضا الشبيبي وهو من معارضي السعيد يجلس قريبا منه فبادره بالقول ها شيخنا اشو ماكو فاجابه الشيخ هيج احسن لا ارى القرد ولا القرد يراني فما كان من السعيد الا ان يقول شيخنا خل نكوم على المرايه مشوف منو القرد…كان السعيد وسيما انيقا في حين كان وجه الشيخ الشبيبي محتلا من انف كبير..
في السياسة تمسك السعيد بوجهات نظره فعداءه وتطيره من الشيوعية والشيوعيبن كان مبدأ راسخا لم يغيره ابدا وربما كان خلف اصراره على اعدام فهد رغم ان المحكمةحكمت عليه بالسجن المؤبد فاصر على اعادة المحاكمة حيث حكم عليه بالاعدام كما ان ايمانه بالتحالف مع بريطانيا لم يطله الوهن .. حيث يعتقد ان ذلك كان السبب في التبشيع بجثته وسحله بعد ثورة ١٤ تموز..كان السعيد مطلعا على مايحدث في بلاده والعالم مامكنه ان يدير سياسة البلد لكنه كان شديد الاعتداد بنفسه الى درجة الغرور حيث وفي ايامه الاخيرة ومع تقدمه بالسن وفقدانه بعض قابلياته فانه لم يعترف بالواقع الجديد ماادى به للابتعاد عن الواقع والتمسك بوجهات نظر خاطئة ..يتحدث سلوين لويد وزير خارجية بريطانيا عن اللقاء الاخير له مع نوري السعيد ان الاخير كان في وضع غير طبيعي ضرب الطاولة بعصبية اكثر من مرة منتقدا بريطانيا وسياساتها قائلا لقد زرعتم اسرائيل في قلب العالم العربي فاحرجتمونا…استطيع ان اصبح ذو شعبية كبيرة بمجرد ان اشتمكم …لم يكن السعيد يطيق الرأي الاخر فلم يحسن ادارة ملف الديمقراطية حتى وصل الامر به ان يلغي الانتخابات النيابية في العام ١٩٥٤ فقط لان المعارضة حصلت على ١٣ مقعدا وهو مالم يحتمله…كان السعيد ذكيا لكن غروره احيانا عطل هذا الذكاء وهذا يفسر ثقته بعبد الكريم قاسم برغم التقارير عن ضلوعه في نشاطات ضد الحكم واهمال تقارير متواترة عن وجود تنظيم يعمل لاسقاط النظام…كان السعيد عراب النظام الملكي ورجله القوي وواضع سياساته لكنه في ايامه الاخيرة اصبح عبئا على النظام الذي كان بحاجة الى تجديد كان السعيد يعيقة بتزمته وابتعاده عن الواقع..