سيمهد الطريق لسحب آلاف الجنود الأميركيين
متابعة ــ الصباح الجديد :
عقد واشنطن اتفاقا تاريخيا مع حركة طالبان في الدوحة سيمهد الطريق لسحب آلاف الجنود الأميركيين من أفغانستان، بعد 18 سنة من الحرب.
وقد يمهّد الاتفاق لإنهاء أربعة عقود من النزاعات في أفغانستان، ويفتح باب الحوار بين حكومة كابول والحركة المتطرفة لوضع حد للمعاناة في البلد الفقير.
ولم يتم الإفصاح عن فحوى الاتفاق الذي تمّ التفاوض حوله لأكثر من عام، لكنّ من المتوقع أن يؤدي الى بدء انسحاب الجيش الأميركي، الأمر الذي يريده الرئيس دونالد ترامب وجزء كبير من الطبقة السياسية والرأي العام الأميركي.
ويرى المحلل في معهد «مجموعة الأزمات الدولية» أندرو واتكينز أنّ «هناك الكثير من التكهنات حول مضمون الاتفاق ، نعلم الخطوط العريضة لكن من غير الواضح ما إذا كانت بنود الاتفاق ستنشر كاملة».
ولن تكون حكومة كابول ممثّلة في حفل التوقيع في الدوحة بعد ظهر اليوم، لكنها سترسل فريقا مؤلّفا من ستة أشخاص لفتح قناة اتصال مع المكتب السياسي لحركة طالبان الذي تأسّس في العاصمة القطرية عام 2013.
وحض الرئيس الأميركي الليلة الماضية الشعب الأفغاني على اغتنام الفرصة لمستقبل جديد، مشيرا الى أن وزير الخارجية مايك بومبيو سيحضر توقيع الاتفاق مع طالبان في الدوحة.
وقال «في النهاية سيتوقف الأمر على شعب أفغانستان كي يحدد مستقبله. لذا، نحض الشعب الأفغاني على اغتنام هذه الفرصة من أجل السلام ومستقبل جديد».
وأضاف «في حال كانت طالبان والحكومة الأفغانية على مستوى الالتزامات، سنمضي قدماً لوضع حد للحرب في أفغانستان وإعادة جنودنا إلى الوطن».
فرصة تاريخية
لم تكن قطر، شبه الجزيرة الصغيرة المعروفة بثرواتها الغازية وفوزها المثير للجدل باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، خيارًا مطروحا على ما يبدو لاستضافة المفاوضات.
لكن توفير الإمارة الثرية موقعا محايدا لإجراء محادثات حول إنهاء الصراع المستمر منذ 18 عامًا في أفغانستان، عزّز مكانتها الدولية وجهودها في تحدي الحظر المفروض عليها من السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ 2017.
وشهدت المفاوضات مشاهد غير مألوفة كتحوّل مقاتلي طالبان إلى مفاوضين سياسيين في العاصمة القطرية على وقع موسيقى كلاسيكية تصدح في مداخل فنادقها الفخمة.
وكانت المحادثات التي توسط فيها دبلوماسيون قطريون، ماراثونية شابها التوتر في أحيان كثيرة، وامتدت حتى وقت طويل من الليل مرات عدة.
ومن المتوقع أن يحضر ممثلون عن 30 دولة حفل التوقيع في العاصمة القطرية.
وسيوقع الاتفاق بعد أسبوع من هدنة جزئية غير مسبوقة اعتبرها الأميركيون اختبار نوايا للمضي في قرار توقيع الاتفاق أم لا. وقد صمدت بشكل عام.
وقال بومبيو في اليوم الرابع من الهدنة الثلاثاء «نحن على مشارف فرصة تاريخية للسلام. إن الحد من العنف يتم احترامه بشكل غير تام لكنه ينجح».
ضمانات
ويرجح أن يؤدي الاتفاق الى خفض عديد القوات في أفغانستان من حوالى 13 ألفا حاليا الى 8600، وهو العدد الذي كان منتشرا هناك مع وصول ترامب الى الرئاسة في 2016.
ويعد المتمردون بتوفير ضمانات أمنية في ما يتعلق بمكافحة «الإرهاب»، والبدء فوراً بمفاوضات سلام مباشرة مع السلطات في كابول، على الرغم من اعتبارهم الرئيس أشرف غني أداة في يد واشنطن.
وقال واتكينز إنّ الاتفاق يدشن عملية الانسحاب الأميركي فحسب، «وليس سببا للاحتفال داخل الحكومة أو لدى حلفائها».
وجرت انتخابات رئاسية في أفغانستان في أيلول وتمّ الإعلان عن فوز غني بولاية ثانية الأسبوع الماضي.
لكن منافسه رئيس السلطة التنفيذية عبدالله عبدالله رفض نتيجة الانتخابات ووعد بتشكيل حكومة موازية، في خلاف ألقى بظلاله على جهود التوصل الى الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان.
ونجاح الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان مرهون بعمل الحكومة على منع تحويل البلاد إلى أرض خصبة للجماعات المتطرفة.
وكان استقبال حركة طالبان لتنظيم القاعدة على أرض أفغانستان السبب الرئيسي للغزو الأميركي في أعقاب هجمات 11 أيلول عام 2001.
وطرد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الحركة من السلطة بعد الهجمات، ونفذ المتمردون الذين كانوا يحكمون كابول منذ 1996 وحتى تشرين الأول 2001، هجمات متواصلة أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أميركي وعشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية.
وأنفقت واشنطن أكثر من ألف مليار دولار في الحرب التي قُتل وأصيب فيها أكثر من مئة آلاف مدني أفغاني منذ 2009، حسب أرقام الأمم المتحدة.