مجلة ذي اتلانتك الأميركية:
الصباح الجديد – متابعة:
سلطت مجلة ذي اتلانتك الأمريكية الضوء على قرار البرلمان العراقي، القاضي بخروج القوات الأمريكية من العراق، مؤكدة أن المكان الوحيد الذي لا يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مغادرته هو العراق، فيما تحدثت عن أبرز الأسباب التي تجعله يرغب بالبقاء.
وذكرت المجلة في تقريرها، أن “دونالد ترامب قام باطلاع الجنرالات في البنتاغون حول ما أسماه (الحرب الخاسرة) في أفغانستان وفشلهم في إنهائها، ولقد وصف سوريا بأنها (رمل وموت)، واشتكى من أنه كان من المفترض أن تكون هناك ضربة قصيرة الأجل للولايات المتحدة، وسعى وفشل في الحصول على انسحاب سريع من كلا المكانين، لكنه لم يقدم أي وعد من هذا القبيل للعراق”، ً مضيفة: “في الحقيقة، لقد قدم ترامب مؤخرًا القضية المعاكسة، وهي وجوب بقاء حوالي 5000 جندي أمريكي هناك”.
وأضافت المجلة، أن “البرلمان العراقي عندما صوت على طرد القوات الأمريكية الشهر الماضي، بدافع الغضب من الضربة التي أودت بحياة جنرال إيراني في العراق دون موافقة حكومته، تعهد ترامب بعدم المغادرة على الإطلاق، وهدد بفرض عقوبات إذا اضطر للقيام بذلك”.
وتساءلت المجلة: “لماذا العراق هو البلد الوحيد الذي يبدو أن ترامب يريد الالتفاف حوله، ً خاصة منذ أن شارك في حملته لمعارضة حرب 2003 هناك؟”، مضيفة: “بالنظر إلى تصريحات ترامب بأنه هزم داعش، ِ لَم يستخدم النصر المفترض للخروج من العراق وكذلك سوريا إلى الحد الذي يهتم فيه ترامب بالعراق على الإطلاق؟”.
وأوضحت، أن “الجواب الذي ينبثق من المحادثات مع المسؤولين والمستشارين الحاليين والسابقين يتلخص في ثلاثة من أعداء ترامب الرئيسيين، وهم، داعش، وباراك أوباما، وإيران”.
ونقلت المجلة عن جاك كين، مستشار عام متقاعد وغير رسمي للرئيس حول الشؤون الوطنية، قوله، إن “ترامب يتفهم أننا إذا انسحبنا من جانب واحد واشتعلت النار في هذا الشيء مرة أخرى، فسوف يمتلكه بطريقة ما أوباما بعد انسحابه”، ً مضيفا، أن “ترامب حساس لما حدث، وعندما غادر سلفه العراق، قام تنظيم داعش من بقايا الحرب التي اعتقد الكثير من الأميركيين أنها انتهت”.
وأشارت المجلة الى أن “ترامب بات على مسار عام 2016، وعلى الرغم من أسفه ً أيضا للولايات المتحدة التي دخلت العراق على الإطلاق، وإقدام أوباما على سحب قواته من العراق عام 2011، ُجبرت العراق على دعوة الجيش الأمريكي للعودة لمحاربة أطول”، لافتة الى أن “عودة داعش أجبرت العراق على دعوة الجيش الأمريكي للعودة لمحاربة داعش، التي كانت تهدد في صيف عام 2014 بالإبادة الجماعية ضد اليزيديين وقطع رؤوس الرهائن، بمن فيهم الأمريكيون”.
وتابعت: «بحلول عام 2016 ،كان ترامب ً مقتنعا بأمرين، وهما، أن داعش كان خطأ أوباما، والولايات المتحدة كان عليها أن تبقى في العراق لمحاربته، والامر الثاني، أن العراق أصبح الآن (هارفارد للإرهاب)، وهذا لم يترك سوى خيار الاعتناء به».
ولفتت الى أن «ترامب بمجرد توليه منصبه، قام بتسريع الحملة العسكرية ضد داعش، وحقق ً انتصارا كبيرا مع سقوط عاصمة الدولة الإسلامية في عام 2017 ، وفي ربيع عام 2019 ،أعلن الهزيمة الإقليمية لداعش، وفي وقت لاحق من ذلك العام، قتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي نفسه خلال غارة العمليات الخاصة الأمريكية».
وأوضحت، أن «ترامب، على الرغم من شكاواه الخاصة والعامة حول المصاريف، إلا أنه لم ّ يعد بالانسحاب من العراق، والذي يعد نقطة انطلاق محورية لمحاربة داعش، وقد ركز على سحب القوات من سوريا، حيث تضم ساحة المعركة المعقدة حاليًا حوالي 500 جندي أمريكي ضد المصالح المتنافسة لتركيا، حليف الناتو، وضد أعداء الولايات المتحدة مثل روسيا والحكومة السورية وإيران، وبقايا داعش».
علاوة على ذلك، قال كين، إن «القادة العسكريين الأمريكيين في العراق هم الذين يديرون في الواقع حرب التحالف الأمريكي ضد داعش في سوريا، لذلك نحن ندير سوريا والعراق، من العراق».
وبينت، أن «المرة الأولى التي كان ترامب فيها ً مستعدا لإعلان فوزه على داعش، في ديسمبر 2018،هي عندما كان داعش ً متمسكا بقصاصاته الأخيرة من الأرض»، ً موضحة، أن «ترامب ربما اكتشف فائدة سياسية مزدوجة، وهي يمكن أن يعلن ما يشبه الانسحاب الكبير للقوات، ومطالبة بإنهاء الحرب في بلد واحد، بينما يتعهد أيضا بإسقاط تنظيم داعش، وهكذا».
وأردفت، أن «ترامب عندما قام برحلة منظمة على عجل إلى العراق في ذلك الشهر، بدأ يتحدث عن إعادة القوات إلى الوطن من سوريا، وقام بجولة في قاعدة الأسد الجوية الضخمة، في غرب العراق التي سماها فيما بعد بـ «الصرح الرائع»، وتعجب من حجم مدارجها، ثم قال للقوات هناك إنهم سيبقون لمنع عودة داعش وحماية مصالح الولايات المتحدة».
وبحسب المجلة، تحدثت قاعدة عين الأسد، عن مصالح ترامب العقارية، قائلة: «من الواضح أن الولايات المتحدة بنتها، على الرغم من أنها كانت واقعة في محافظة الأنبار العراقية منذ أن ساعد المقاولون اليوغوسلاف في وضعها هناك في الثمانينيات»، لافتة الى أن «ترامب قد قال، لقد أمضينا ثروة في بناء هذه القاعدة المدهشة، وقد نحتفظ بها كذلك» ً ، متابعا، أن «أحد الأسباب التي أرغب في الاحتفاظ بها هو أنني أريد أن أنظر قليلا إلى إيران، لأن إيران مشكلة حقيقية». وأكملت المجلة، أن «هذا التصريح ألمح في الواقع إلى مرحلة جديدة من تورط ترامب في الشرق الأوسط، وتحولت أولوياته من هزيمة داعش إلى حملة الضغط ضد إيران»، مشيرة الى أن «داعش عندما كان في في كامل قوته، اعتبرت كل من الولايات المتحدة والقوات المدعومة من إيران في العراق المجموعة عدوهم ً واحدا، حيث قاموا بسلاحهم ضد المتمردين ً بدلا من بعضهم البعض، كما فعلوا ً سابقا في حرب العراق، ولكن مع رحيل داعش وتعهد ترامب بحملة تكثيف دائمة للعقوبات ضد النظام الإيراني، بدأت المصالح المشتركة لطهران وواشنطن في العراق تتبخر».
ونقلت المجلة، عن السفير السابق في العراق دوغلاس سيليمان، الذي كان ً حاضرا في زيارة ترامب للأسد، قوله: «لقد تبنت السياسة الإيرانية سياسة العراق في الآونة الأخيرة»، مشيرة الى أن «مشكلة ترامب مع إيران في الأشهر الأخيرة، تفاقمت، حيث بدأت الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، والتي تركت القوات الأمريكية وحدها بمفردها خلال قتال داعش في استهدافها مرة أخرى، بما في ذلك الهجمات الصاروخية التي انتهت بمقتل مقاول أمريكي بعد عيد الميلاد، عقب ذلك بوقت قصير، قتل ترامب القائد الأعلى الإيراني، قاسم سليماني، وأثبت ترامب مدى فعالية الولايات المتحدة في مشاهدة الإيرانيين من الأراضي العراقية».
وبينت، أن «المفارقة، هي أن القتل قد ينتهي بقيادة ترامب من منطقة حرب واحدة، التي يبدو أنه لا يريد مغادرتها، إضافة الى طلب العراق من الولايات المتحدة مناقشة جدول زمني للانسحاب، حيث كان رد فعل وزارة الخارجية برفض صريح، قبل ان تخفف موقفها».
وأكدت، أن «مجلس النواب يمارس ً ضغوطا على الإدارة لتقييد ما يمكن أن يفعله الجيش الأمريكي في العراق، وفي هذه الأثناء يضغط الدبلوماسيون الأمريكيون على دول الناتو لتولي دور أكبر هناك، وذلك ً تماشيا مع طلب ترامب، في حين أن ترامب أصر على ان يتم تسديد اموال القاعدة جبر الأمريكيون على الرحيل».
وأوضحت، أن «الذي أعقب انتقاد ترامب الأولي، كان الدبلوماسية المكثفة، وجولات متعددة من النداءات بين كبار القادة في العراق والولايات المتحدة لمحاولة تخفيف الصداع، بالإضافة الى المشاكل السياسية الداخلية في العراق»، ً منبهة الى أن «رئيس الوزراء المعيّن للتو لم ّ يشكل حكومة، بعد شهرين من استقالة سلفه، الامر الذي قد يؤخر أي قرار بشأن وضع القوات الأمريكية».
وتابعت، أن «التعاون الأمريكي العراقي في مكافحة داعش توقف لفترة وجيزة بعد مقتل
سليماني»، مشيرة الى أن «المسؤولين العسكريين يكافحون لتأمين تصريح عراقي، من أجل
استضافة أنظمة الدفاع الأمريكية ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية، وحتى لو لم يخرج العراق القوات الأمريكية في نهاية المطاف، فإن هذه التطورات ُ تظهر كيف أن النزاعات السياسية لها آثار عسكرية».
ومع احتمال أن يصر العراق على الخروج الأمريكي، يقول السفير الأمريكي السابق: «من السابق لأوانه تحديد ما سيحدث»، ً مضيفا، أن «العراقيين بينما يقررون تشكيل حكومتهم المقبلة، قد يكون لدى الأحزاب بعض المساحة للتفاوض مع إعطاء الضجة السياسية الفورية من مقتل سليماني فرصة للتلاشي» ً ، لافتا الى أن «المماطلة، تعمل العجائب».