تستهدف التصدي لتخلف قطاعات الاقتصاد وتفكك البنى المجتمعية
بغداد – سامي حسن:
اطلقت وزارة التخطيط خطة التنمية الوطنية للاعوام 2018-2022 التي اقرها مجلس الوزراء في الاول من نيسان الجاري التي تمثل خطوة مهمة للانطلاق الاوسع في اطار رحلة التنمية المستدامة وفقا لرؤية العراق لعام 2030 .
واوضح وزير التخطيط في بيان له تسلمت «الصباح الجديد» نسخة منه ان الخطة وضعت على وفق مجموعة من السياسات والاستراتيجيات القطاعية التي تستند بالاساس على رأس المال البشري والاجتماعي واقتصاد الناس وتقديم الخدمات بأقل الكلف ، وهي في نهاية المطاف خطة تمهد الطريق لبناء دولة المستقبل من خلال معالجة التحديات والاهتداء بالاهداف المحددة في رؤية 2030 ، واتاحة فرص جديدة للنمو لاسيما مع استمرار الدعم الدولي والاقليمي للعراق .
وقال الوزير ان اولويات الخطة تتمثل في التصدي لتخلف القطاعات الاقتصادية وتفكك البنى المجتمعية وضعف الدور الحكومي والمؤسسي وضآلة دور القطاع الخاص المحلي واحجامه عن الاستثمار ، بهدف تجاوز قيد التمويل وتوفير بيئة اعمال مناسبة ومحفزة لممارسة الانشطة الاقتصادية المتنوعة .
واضاف الوزير في بيانه ان هذه الخطة اعتمدت على تحليل الواقع ورسم مسارات محددة لتوجيه الاولويات معتمدة اربعة محاور موجهة تتمثل بـ: (ارساء اسس الحوكمة وما يرتبط بها من ركائز ومقومات ، القطاع الخاص وتطوير بيئة الاعمال والاستثمار ، واعمار المحافظات ، والتخفيف من حدة الفقر متعدد الابعاد في جميع المحافظات) ، متخذة من منهجية الادارة بالنتائج مسارا لبنائها باطار واقعي يتناغم مع المعلومات المتاحة حول الواقع الحالي ومراجعة ما تحقق في الخطة السابقة ، كما اعتمدت الخطة شعارا لها هو : ارساء اسس دولة تنموية فاعلة ذات مسؤولية اجتماعية او (خيارات ما بعد التعافي) .. دولة تتبنى وتمارس ادوارا تنموية موجهة ومنفذة في رسم السياسات ويكون القطاع الخاص شريكا فاعلا في تحديد وتنفيذ الاولويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية باساليب شراكة متنوعة من خلال بيئة تمكينية جاذبة لرؤوس الاموال والخبرات وعلى وفق مبدأ الكفاءة والمنافسة الحقيقية في ظل حوكمة رشيدة وبما يهيء لاعتماد نظام اقتصاد السوق الاجتماعي كمنهج للادارة الاقتصادية .والحرص على تقليص التباين المكاني بين المحافظات ، كما انها تعتمد على تحسين ادارة الاصول ، معتمدة على فلسفة الانموذج التنموي من خلال اعطاء الاولوية للقطاعات ذات العمالة الكثيفة بهدف تقليص البطالة وتحقيق وتائر نمو عالية .
واوضح الوزير ايضا ان الخطة عالجت المشكلات والمعوقات التي واجهت الخطتين السابقتين ، وهي تحديات مؤسساتية واخرى اقتصادية واجتماعية وكذلك بيئية ، من خلال الاهداف الاستراتيجية والمبادئ التي تبنتها ، من بينها ارساء اسس الحوكمة الرشيدة وتحقيق الاصلاح الاقتصادي المالي والنقدي والمصرفي والتجاري والعمل على تعافي المجتمعات المتضررة بسبب ازمة النزوح وفقدان الامن الانساني ، فضلا عن توفير متطلبات بيئة تمكينية للاستثمار بجميع اشكاله .
واشار الى ان الخطة تستهدف تحقيق معدل نمو في الاقتصاد العراقي بحدود 7% من خلال رفع الناتج المحلي الاجمالي إلى (292.5) تريليونات دينار في عام 2022 بعد ان كان 182.2 تريليون دينار عام 2015 .. وستبلغ الايرادات المتوقعة خلال سني الخطة نحو 440 ترليون دينار منها 370.2 ترليون دينار من الايرادات النفطية ونحو 70 ترليون دينار من الايرادات غير النفطية ، فيما سيصل حجم الانتاج النفطي عام 2022 إلى نحو 5 ملايين برميل يوميا وبمعدل تصدير يصل إلى 4 ملايين برميل يوميا .. اما فيما يتعلق بالاستثمارات المطلوبة خلال سنوات الخطة الخمس فستكون (220.6) تريليون دينار منها (132) تريليونا استثمارات حكومية تصل نسبتها إلى 60% من الاستثمارات الكلية وهناك (88.6) تريليونات دينار تكون من القطاع الخاص وبنسبة 60% من مجموع الاستثمارات الكلية ، وتوزع الاستثمارات في مجالات التعدين والبناء والتشييد والمال والتأمين والنفط والكهرباء والماء والتجارة والزراعة والصناعة التحويلية والنقل والاتصالات .. ومن المتوقع ان يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي نحو 7 ملايين دينار عند نهاية عمر الخطة عام 2022 .
واكد الوزير في بيانه ان الخطة وضعت اهدافا وتوجهات رئيسة للسياسات الاقتصادية الكلية في مجال السياسة المالية والنقدية والتجارية .. وكذلك في قطاع الطاقة والصناعات التحويلية .. ففي مجال قطاع الكهرباء فان الخطة تهدف إلى زيادة الطاقة الانتاجية في المنظومة الكهربائية إلى نحو 21 الف ميكا واط وزيادة حصة الفرد من الطاقة للوصول إلى (4041) كيلو واطا / ساعة والعمل على ترشيد استهلاك الطاقة للاستعمالات المتعددة وخفضها بمعدل 7% وتعزيز دور القطاع الخاص في ادارة قطاعي الانتاج والتوزيع ..
وفي مجال الصناعات التحويلية والاستخراجية عدا النفط فان الخطة تعمل على زيادة نسبة المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة للصناعات التحويلية والاستخراجية غير النفطية إلى 1.17% في سنة 2022، والعمل على ايجاد مصادر اخرى لتمويل مشاريع القطاع العام واقتصار تمويل الموازنة الاستثمارية للمشاريع الاستراتيجية فقط ، فضلا عن دعم الصناعات البتروكيمياوية والاسمدة والصناعات التي تعتمد على الخامات المعدنية والاستفادة من وفرة المواد الاولوية لهذه الصناعات ..
وبين الوزير ان الخطة تسعى إلى زيادة نسبة اسهام القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي إلى 5.2% وتحقيق نمو في هذا القطاع يصل إلى 8.4% ، وتأمين الطلب السنوي على المياه للاستخدامات المستدامة في المجالات الزراعية والصناعية والبلدية وبما يحقق التوازن المائي مع امكانية خفض الطلب السنوي على المياه بمقدار 500 مليون متر مكعب سنويا .. كما وضعت الخطة اهدافا منطقية تسعى لتحقيقها في قطاع النقل والاتصالات والخزن والماء والصرف الصحي وقطاع المباني والخدمات ، وفي هذا المجال سيجري العمل على انجاز المشاريع السكنية قيد التنفيذ او المتوقفة وبضمنها الاستثمارية والتي تقدر بنحو 700 الف وحدة سكنية في المحافظات كافة عدا اقليم كردستان ، فضلا عن تأمين 100 الف وحدة سكنية على وفق الطرق والتقنيات الحديثة وانشاء 100 الف وحدة سكنية اخرى مناسبة لمتطلبات تأمين عودة النازحين والعشوائيات والمتجاوزين ، وتوفير 50% من التمويل العقاري من استثمارات القطاع الخاص المطلوب لتغطية العجز السكني .. وكذلك وضعت الخطة اهدافا لها في قطاع الثقافة والاثار والسكان والقوى العاملة والتنمية البشرية والاجتماعية والصحة والشباب والمرأة والتنمية الاجتماعية .. وغيرها .
ولفت الوزير الى ان جهودا كبيرة وجبارة بذلت من قبل فريق الخبراء والمعنيين باعداد هذه الخطة منذ بدء العمل على اعدادها عام 2016 .. ونحن في الوقت الذي نؤكد فيه ان هذا الفريق تمكن من وضع خطة تنموية مستجيبة للتحديات وفيها من المرونة ما يجعلها ممكنة التطبيق مستفيدين من تجربتينا السابقتين المتمثلتين في الخطتين التنمويتين 2010-2014 و٢٠١٣-٢٠١٧ اللتين واجهتا مصاعب وتحديات كبيرة جدا ، فاننا نثمن عاليا جهود الفريق وكل من اسهم في اعداد هذه الخطة التي تعد اقرب إلى خطة سياسات من كونها خطة برامج .. مشيرين في الوقت عينه إلى ان فرص النجاح لهذه الخطة ستكون مؤاتية بنحو افضل من تلك الظروف التي رافقت الخطتين السابقتين ، في مقدمتها ان العراق تخلص من الارهاب وهو اليوم يعتمد فلسفة البناء التنموي المستدام معتمدا على خلق شراكات متينة مع القطاع الخاص الوطني ومستفيدا من الدعم الدولي ، اقتصاديا وسياسيا ، مع توفر الارادة السياسية الوطنية الموحدة التي من شأنها توفير بيئة اكثر استقرارا لتنفيذ السياسات التنموية التي تتيح لنا تفعيل البدائل الاقتصادية الناجعة وصولا إلى اقتصاد وطني متعدد وليس احادي الجانب.