التسقيط السياسي وتبادل التهم بالفساد والعمالة سماتها الأبرز
السليمانية ـ عباس كاريزي:
مع اقتراب موعد البدء بالحملات الدعائية لانتخابات مجلس النواب العراقي المقررة في 12 من ايار المقبل تشتد حدة الصراعات والجدل السياسي بين احزاب المعارضة والسلطة في اقليم كردستان.
فبينما اعتمدت احزاب المعارضة في حملتها لتحشيد الرأي التي بدأتها مبكرا على التركيز وابراز الاخفاقات والفشل الذي منيت به السلطات، وتردي الخدمات وتفشي الفساد والمحسوبية في مؤسسات حكومة الاقليم، وعجزها عن منح رواتب الموظفين، تسعى احزاب السلطة لإيجاد تبريرات لاخفاقها وفشلها في تحقيق القدر الادنى من الوعود التي قطعتها على نفسها للمواطنين.
وفيما دشن تحالف الديمقراطية والعدالة بقيادة برهم صالح الذي استقال منذ اشهر من منصبه كنائب ثان للامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، قناة خندان بمهاجمة السلطة والاحزاب الحاكمة، وجه القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار انتقادات شديدة اللهجة الى صالح، الذي وصفه بعدم الوفاء للحزب ولشخص الرئيس مام جلال الذي سانده لتبوء اعلى المناصب القيادية داخل الاتحاد الوطني وفي حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية.
الجدل السياسي الذي بلغ اشده بين تحالف الديمقراطية والعدالة والاتحاد الوطني تفاقم خلال الايام الاخيرة، وانشغلت به مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الاعلام على حد سواء، حيث قال برهم صالح في كلمة القاها خلال تجمع جماهيري في قضاء رانية، ان حزبي السلطة اخفقا في تحقيق ادنى قدر من الخدمات، واستوليا على ثروات الشعب وحولا الحكم في الاقليم الى حكم عائلي مقيت.
ايجاد حلول للأزمات المتراكمة في اقليم كردستان وتحسن الوضع المعيشي للمواطنين وتحويل أجهزة الإقليم الى مؤسسات وسيادة القانون وتنمية الديمقراطية واعادة المناطق المتنازع عليها إلى حدود الإقليم، أبرز الوعود التي أطلقتها الاحزاب السياسية التي شكلت الكابينة الثامنة لحكومة الاقليم عقب الانتخابات السابقة، إلا أنها لم تحقق منها شيئا، بل على العكس زادت الطين بلة، واسهمت بنحو مباشر عبر سياساتها غير المدروسة، بتردي الواقع المعاشي للمواطنين، اضافة الى انها فشلت في منح رواتب الموظفين، فهي اهدرت مليارات الدولارات من ثروات الاقليم جراء سياستها الاقتصادية، التي ادت الى ارتفاع نسب البطالة والفقر بنحو مخيف.
وكانت نسبة 73 % من مواطني الإقليم قد شاركوا في الحادي والعشرين من ايلول (سبتمبر) من عام 2013 في اختيار اعضاء الدورة الرابعة لبرلمان كردستان البالغ عدد مقاعده 111، والتي تنافس فيها 30 حزبا وكيانا سياسيا.
الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يعد من جانبه انشقاق برهم صالح في هذا التوقيت مؤامرة جديدة تحاك ضده لإضعافه والحد من نفوذه في محافظة السليمانية، يواجه كذلك خصماً لايقل اهمية عن صالح في مناطق نفوذه وهي حركة الجيل الجديد التي اسسها رجل الاعمال المعروف شاسوار عبد الواحد، بعد ان كان النائب الاول للامين العام السابق في الاتحاد نوشيروان مصطفى قد انشق عام 2009 عن الحزب معلناً تأسيس حركة التغيير ككيان سياسي وقائمة مشاركة في الانتخابات النيابية في إقليم كردستان، وتمكن بعد قيادته قائمة انتخابية خاصة، منفصلة عن قوائم الأحزاب الأخرى في الاقليم من حصد 25 مقعدا في برلمان كردستان.
عبد الواحد الذي يمتلك مجموعة من المشاريع الاستثمارية اضافة الى قنوات ان ار تي، التي تعدها السلطة احد اهم المسهمين في تحريك الرأي العام والشارع الكردي ضدها، اعلن امس الاول في تجمع جماهيري حاشد عن خطة عمل واستراتيجية حركته للسنوات 15 المقبلة، مشيرا الى انه بمجرد تسلم حركته للسلطة في الاقليم، وهو احتمال ليس بالهين، انه سيصلح الاوضاع الاقتصادية وينهي ازمة الرواتب في كردستان.
ويسعى شاسوار عبد الواحد الى استغلال السخط الشعبي ضد حزبي السلطة وتراجع نفوذهما شعبيا، لتحقيق مكسب سياسي والحصول على اصوات الفئات الشعبية المتضررة من سياسات حزبي السلطة خلال السنوات الاربع المنصرمة.
بدورها تعمل حركة التغيير التي شاركت في حكومة اقليم كردستان قبل ان يتم استبعادها من الحكومة نتيجة لخلافات برزت مع الحزب الديمقراطي حول موضوع رئاسة الاقليم، والتي تعاني هي الاخرى من المشكلات والخلافات التنظيمية، على التصالح مع جماهيرها والاظهار بانها ما زالت مؤثرة في الشارع الكردي، عبر المشاركة في التظاهرات والاعتصامات الشعبية، بعد ان كانت قد شكلت تحالفاً سياسيا مع الجماعة الإسلامية بزعامة علي بابير وتحالف نحو الديمقراطية والعدالة بقيادة برهم صالح.
وكان استقلال السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والغاء القوانين والتعليمات والقرارات التي تمنح الحصانة للمسؤولين السياسيين والحزبيين والعسكريين وكذلك توسع القطاع الخاص وزيادة رواتب المتقاعدين وانشاء صندوق «الأجيال» يخصص فيه جزء من واردات النفط للاجيال القادمة من ابرز وعود حركة التغيير ولم تتحقق.
الاتحاد الإسلامي بدوره اطلق خلال حملته الانتخابية قبل أربعة أعوام جملة من الوعود التي لم يتحقق منها شيء بتثبيت النظام البرلماني والدعوة الى اتحاد اختياري ضمن العراق وتحويل دبلوماسية الإقليم الى مؤسسات وتعميق الدعوة الإسلامية، كان آخر حزب انسحب من حكومة القاعدة العريضة للإقليم ليتدارك هو الاخر البقية من شعبيته لدى الجماهير الساخطة على حكومة الاقليم ومؤسساتها.
الدكتور كامران منتك استاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين قال ان الإقليم لم يشهد انشاء احزاب جديدة، وان من يرون أنفسهم كذلك فانهم خرجوا من رحم الاحزاب القديمة ويحملون الثقافة نفسها وان كانوا يظهرون انفسهم وكأنهم مختلفين، الا انهم يبدون مواقف الأحزاب الأخرى نفسها في المحطات الحساسة».
هذا ويتوقع مراقبون للشأن الانتخابي ان تكون نسبة المشاركة في العمليتين الانتخابيتين التي يقبل اقليم كردستان على اجرائها خلال الاشهر المقبلة والتي تتمثل بانتخابات البرلمان العراقي في شهر أيار مايو المقبل، وانتخابات برلمان ورئاسة الاقليم التي لم يحدد موعدها لحد الان والمحتمل اجراؤها أواخر العام الحالي، ضعيفة ولا تتجاوز الخمسين بالمئة نظرا لاخفاق اغلب الاحزاب والقوى السياسية بتنفيذ الوعود الانتخابية السابقة وفشلها في مصالحة الجماهير وانعدام أي مرتكزات لمخاطبة الشعب بها خلال الانتخابات المقبلة.