يترك صناعة الاثاث ليصنع مصغرات التراث البغدادي

وداد إبراهيم
ترك احد النجارين الحرفيين، صناعة الأثاث التي قضى معها زمنا طويلا، بعد ان استهوته صناعة نماذج ومصغرات للتراث البغدادي، ليتعامل معها بكل تفاصيلها وبدقة متناهية تجعلها تكتسي الجمال قبل الحرفية.
رشيد حميد الياسري قال عن عمله في صناعة نماذج من التراث: “مهنة النجارة، المهنة الأهم والأكثر انتشارا في المناطق الشعبية حيث عشت طفولتي، اذ يعمد الشباب في المحلة الى تعلم مهنة يستطيع من خلالها ان يبني مستقبله اما نجارا او صباغا، وكان اشقائي ووالدي امهر النجارين في المنطقة، يصنعون القوارب واثاث البيوت والمكاتب ولهم محال معروفة، وتعلمت المهنة بحكم التوريث، واول ما تعلمت، صناعة القارب الصغير بكل تفاصيله الدقيقة والبسيطة”.
وتابع: “كثيرا ما جذبني منظر البيوت القديمة التي تطل على ضفاف دجلة، واحيانا اتجول في مناطق تراثية كثيرة مثل منطقة (الشيخ بشار) الواقعة خلف دائرة التقاعد والمعروفة بجمال تراثها، والتقط صورا للبيوت التراثية، وما وجدته ان نماذج الشبابيك او الشرفات في كل المناطق واحد من حيث الشكل، وفي كل المناطق تجد الشناشيل بالحجم والطراز نفسه، ما يضفي عليها مسحة جمال اضافية تتعلق بالتاريخ وطبيعة الحياة البغدادية، حتى قررت ان اترك عملي كنجار للأثاث وبدأت بصنع نماذج من مستلزمات البيت العراقي القديم مثل الاريكة وسرير الطفل الهزاز(الكاروك) و(العربة الصغيرة) واستطعت ان اصنع شناشيل بالمواصفات نفسها وحرصت على نقل كل التفاصيل باعمالي. كما صنعت شرفة تراثية وأحيانا يأتي زبون ويطلب مني ان اعمل له قاطع خشبي تراثي فاصنعه له على وفق المواصفات التراثية”.
ويضيف: “وجدت في هذا العمل متعة لي وللزبائن لأنه يضع صورة للتراث بشكل مصغر كتحفة في البيت وتلك احدى طرق محافظتنا على هذا التراث الجميل الذي بدأ يختفي من احياء بغداد، وهناك مناطق تراثية بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة، وقد تجهل الاجيال القادمة شكلها وما كانت عليه مناطق بغداد.
اما عن مردوده المالي فقال: “كل ما اصنع يتلقفه الزبائن بحماسة، ووجدت ان هناك رغبة بشراء مصغرات التراث وان كنت ابيع بسعر رخيص، لكن أفضل من صناعة غرف واثاث بيت انتظر بيعه لأشهر، والمنافسة في السوق كبيرة مع الأثاث التركي والماليزي وغيرها من الصناعات رخيصة الثمن والتي تغرق محال الأثاث”.
اما عن إقامة معرض له فقال: “عرض علي بعض الاصدقاء إقامة معرض في المتحف البغدادي او في البيت الثقافي في شارع المتنبي، فوجدت ان هذا يحتاج الى تجهيز وصناعة اشكال كثيرة فأجلت اقامته، واكتفيت بالبيع المباشر ووجدت متعة ان تبيع ما تصنع بسرعة ما يحفزني على العمل وصناعة مصغرات بأعداد اكثر”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة