د. علي جواد الطاهر ورأيه في العقاد.. فصول ذاتية من سيرة غير ذاتية

القسم الثاني

شكيب كاظم

رأيه بالعقاد

الأستاذ الطاهر، يعلن – بداية- ضيقه بالعقاد وأسلوب كتابته، لذا فهو زاره في مجلسه الذي يعقده ضحى كل جمعة، غير معجب به ومحب له، بل ليزوره فقط، كأنه إسقاط لفرض، وهو ما استطاع قراءته بل حاول” ولكنك لا تمضي معه أكثر من سطور، ونظرات هنا وهناك على أول هذه الفقرة من المقالة أو تلك.. لحظات وتضيق ذرعا وإذا بك تسير يدا بيد مع آخرين كطه حسين أو الزيات أو المازني أو زكي مبارك.. كلهم إلا الكاتب الكبير” تراجع. ص١٠٧

وفي جمعة ما يجده يستقبل زواره وهو في (البجامة) وعلى رأسه طاقية من قماش البجامة ذاتها، وضيافة العقاد لا تعني أكثر من فتح الباب لزائريه، واقتعاد أقرب (تخت) إليك في هذه القاعة، ثم ما عليك سوى الاصغاء، فالرجل وحده الذي يتكلم، وان أردت المشاركة فليس اكثر من إبداء إعجاب أو تأييد، أو طرح سؤال! تنظر ص١١١

ويقترب الظهر وينفض السامر وتعود أدراجك وتسأل نفسك عما بقي في نفسك من زيارة (الكاتب الكبير) سوى قولته ووراءها ما وراءها من حقد وحسد: ذلت أمة أديبها طه حسين ومطربها محمد عبد الوهاب. تنظر ص١١٣

هو يرى أن العقاد لا يوحي بالمهابة والجلال والقدسية، وقد يرد ذلك إلى تعاظمه وبعده عن التواضع وعن الروحية ومعاناته النسيان، فهو كثير النسيان، نسّاء!! تنظر ص١١٢

في حين يخص الأستاذ الطاهر، يخص الدكتور طه حسين بفصل شيق واصفاً إياه بأستاذي.. هو الذي خصه بمقال ضاف آخر عنوانه (نبأ) عن نبأ رحيل طه حسين وأعاد نشره في كتابه (أساتذتي. ومقالات أخرى) تقرأ هذا الفصل فتطرب وتعجب.

ملاحظات

١—جاء في الصفحة ١٧ وتسميته ( علي) ما نصه: “ولو لم يسمه عليا لسماه بما هو معروف في المحلة والبلدة حسن وحسين (….). ولم يمر بالحلة اسم من هذه الأسماء التي تنتهي بتاء (طويلة): مدحت، بهجت.. إلا ما كان من اسم وليد جار لنا، سماه أبوه (حكمت) ويمكن أن يرجع سر التسمية إلى أن أقرب (حكمت) إلى الحلة هو (حكمت الجادرجي) الذي تملك أسرته أراضي واسعة من البساتين على طريق الحلة- بابل والأسرة أصلاً من بغداد”.

أقول: لعل أستاذي يقصد (رفعت) أبو الأستاذ كامل الجادرجي وليس (حكمت)

٢–ص١٩ جاء قوله: “وغيري يحدثك عن دكة عاكف، وعاكف هذا قائد تركي أرسله السلطان عبد الحميد (الثاني) لتأديب الحلة وكانت بلدة تمرد نكلت بالجيش العثماني أكثر من مرة،… وقد صوروا للسلطان على أنهم غير مسلمين”.

أقول: علق الباحث رفعة عبد الرزاق محمد الذي أعارني الكتاب على حاشية الصفحة ذاتها ما نصه “لم يكن السلطان عبد الحميد في الحكم فقد عزل سنة ١٩٠٩ ونصب مكانه أخوه محمد رشاد”

٣-ورد اسم المؤلف احمد عزة دروزة مرة على الصفحة ٤٧ لدى الحديث عن كتابه (التاريخ العربي) فهو كتاب سلس على ضخامته. ويرد ذكره ثانية على الصفحتين ٦١و٦٢ ما نصه: ” والكتاب الثالث (….) كتاب ( تاريخ الأمة العربية) مؤلفه فلسطيني يقيم في العراق، كان مدرساً في دار المعلمين الابتدائية، الدرس ليس جديداً علينا، فلقد تلقيناه من قبل في الصف السادس على كتاب المؤلف السوري أحمد عزة دروزة وكتاب المقدادي شبيه به في المنطق.

أقول: أستاذي الطاهر يقصد بالمقدادي؛ درويش المقدادي، وصحة اسم دروزة (محمد عزة دروزة) وليس أحمد كتبت عنه مقالا في جريدة (العراق) صيف سنة ١٩٨٩ علقت عليه الأديبة سهام الناصر. ودروزة من الرعيل القومي العربي الأول الذي عمل من أجل القضية العربية، ولد في نابلس سنة ١٨٨٩ وتوفي سنة ١٩٨٤.

٤- ص ٢٥٣ لدى حديثه عن مقابلاته عدداً من أدباء مصر جاء قوله:”” وسلامة موسى ومقر مقابلاته: جمعية الشبان المسيحيين، قابلته وزاد إعجابي به وهو الذي يعجبني منذ زمن بعيد”.

أقول: لقد قرأت مقالة لأستاذي الطاهر، خلاف هذا المعنى نشرتها ثقافية جريدة (الجمهورية) في ٢٥ من تشرين الأول ١٩٨٥ عنوانها(سلامة موسى)  أعاد نشرها في كتابه ( أساتذتي. ومقالات أخرى) الصادرة طبعته الأولى عن دار الشؤون الثقافية ببغداد سنة ١٩٨٧، وسأقتبس منه ما يؤيد قولي: “وبلغ القاهرة.. والحال متوترة.. والنقراشي وفاروق في أعلى مراحل الشدة. بلغ وتهيأ له أن يقرأ كتاب (تربية سلامة موسى) في بلد سلامة موسى واكتشف الطلبة المصريون الكتاب، ولو قلت لك إنهم- في جملتهم- يجهلون رجلاً كاتباً، اسمه سلامة موسى لما صدقتني، ولو قلت لك إنني أتحدث عن طلبة قسم اللغة العربية بكلية الآداب لأوغلت في تكذيبي. ولو قلت لك إن الذي عرفه منهم عرفه على أنه سلامة حجازي لتوقفت عن القراءة (…) وتبقى الزيارة التي لا بد منها ومهما يكلف الأمر.. وها أنا ذا في حارة شعبية (..) وتمتد اليد إلى الجرس، فيفتح الباب وتطل امرأة (..) قالت السيدة المحترمة: يمكنك الالتقاء به في جمعية الشبان المسيحيين (..) العجب من هذا الكاتب الذي علمنا شيئاً ويلتقي في المكان الذي لا يكون فيه! وتذكرت ما كان من أسماء أولاده. خوفو وخفرع (وربما ميكرع).. وما روي في غير مصلحته من أشياء تضعه في موضع المتناقض (..) وجلست أحدثه ومعي حماستي التي صحبتني من عراق ١٩٤٧(..) ولكنه ليس معي..(..) ولم يطل اللقاء.. لأن أهراماً شاهقة قد تهاوت من مخيلتي، ولم يكن سلامة موسى الذي إزائي سلامة موسى الذي ملأ ذهني (..) وانتهى في النفس شيء اسمه سلامة موسى، فقد مات فيها سنة ١٩٤٨(وليس ١٩٥٨ حين مات عن إحدى وسبعين سنة)”. تراجع. ص٢٩٥ص ٢٩٦.

٥- يورد الطاهر في الكتاب ذكر أخيه الأكبر مراراً وتكراراً، في موضع الشكر وعرفان فضله عليه وتيسير أمر درسه، فكنت أعلق على حاشية الكتاب أو أناجي ذاتي. لماذا لا تذكر اسمه يا أستاذي؟ هو بعض حقه عليك وعلينا، حتى قرأت مقالته (أخي في تجاربي) التي نشرها أول مرة في جريدة (الجمهورية) في ٧/٨/١٩٩٢ وأعيد نشرها في كتابه (كلمات) الذي أصدرته دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد سنة ١٩٩٧، لأعرف ويعرف القراء أن اسم أخيه الأكبر هو (عبد الكريم) فهذا أقل ما يجب عليه وعلينا إزاءه أن نذكر؛ أن نذكر عبد الكريم جواد الطاهر. وأياديه البيض على شقيقه علي جواد الطاهر.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة