تقرير سويدي يكشف عن جانب من العلاقة الخفية بين تركيا والتنظيمات الارهابية

قال إن أنقرة كانت تحمي البغدادي وتتعاون معه لغاية مقتله

السليمانية ـ عباس كاريزي:

شكلت العلاقة الوطيدة بين الحكومة التركية برئاسة حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب اردوغان، حجر الزاوية في ديمومة وتنامي نشاط الكثير من التنظيمات الارهابية وبروز دورها في سوريا وفي مقدمتها تنظيم داعش الارهابي.
اذ كانت هذه التنظيمات والمجاميع الارهابية تحصل على دعم لوجستي وعسكري ومالي ومعنوي مباشر من تركيا، وعلى الرغم من تنامي الضغوطات الدولية على انقرة وارغامها على التخلي عن دعمها لتلك الجماعات، الا ان اردوغان لم يرضخ لتلك الضغوطات وفضل تدهور اقتصاده وعزلته دوليا على التخلي عن دعم بلاده للتنظيمات الارهابية وفي مقدمتها داعش.
لم تغب العلاقة بين تركيا وداعش او التنظيمات الاخرى في سوريا عن التقارير والدراسات والمقالات الصحفية، التي كانت وما زالت تنشر في وسائل الاعلام الاقليمية والدولية التي كانت تكشف عن العديد من الادلة والاثباتات بوجود علاقات واسعة لتركيا بالعديد من التنظيمات الارهابية وخصوصا تنظيم داعش الارهابي.
وفي تقرير استخباري نشره موقع «نورديك مونيتور» السويدي كشف العديد من الاسرار، حول طبيعة العلاقة التي تربط تنظيم داعش بتركيا، الذي قال ان لجهاز الاستخبارات المركزية الاميركية اطلاع على تلك العلاقة.
واشار التقرير الى ان تركيا كانت وما زالت تمتلك علاقات وطيدة بقيادات في تنظيم داعش، وصلت الى مرحلة كانت انقرة تحافظ وتحمي تلك القيادات وفي مقدمتهم زعيم التنظيم ابو بكر بغدادي لغاية مقتله في احدى المناطق السورية الخاضعة لسيطرة جماعات موالية لتركيا.
وفي اكتوبر من العام الحالي 2019 اعلنت الولايات المتحدة عن تمكنها من قتل زعيم تنظيم داعش ابو بكر بغداد بعملية عسكرية، في قرية باريشا بمحافظة ادلب التي تقع على مسافة تقل عن خمسة كيلومترات عن الحدود التركية قرب باب الهوى حيث أحد أبرز المعابر بين البلدين، واثار عدم استخدام الولايات المتحدة قاعدة انجرليك التي تمتلكها بتركيا في تنفيذ تلك العملية، العديد من التساؤلات برغم ادعائها بان تركيا شريك استراتيجي وعسكري لها في الحرب على الارهاب.
ويشير التقرير كذلك الى ان تركيا كانت تحمي البغدادي لأنها كانت تعده جزءا من جناحها العسكري لتنفيذ مخططات اردوغان التوسعية في المنطقة، المتمثلة بالسيطرة على مناطق واسعة في سوريا التي يعدها اردوغان جزءا من الدولة العثمانية السابقة.
ويشير التقرير الى وجود علاقات قوية بين جهاز المخابرات التركي مع تنظيم داعش باطلاع من الحكومة التركية، التي كانت وفقا للتقرير تقدم التسهيلات المطلوبة لاستمرار تلك العلاقة، اذ ان 90 % من عناصر داعش كانوا يدخلون الى الاراضي السورية عبر الحدود التركية، وكانوا يستخدمون الحدود التركية للتنقل بحرية، وصولا الى اوروبا، اضافة الى ان انقرة كانت تأخذ على عاتقها معالجة جرحى ومصابي التنظيم في مستشفياتها.
ويقول نوريك مونيتور، ان جهاز المخابرات المركزية الاميركي حصل عام 2016 على مجموعة من التقارير، التي كانت تثبت وجود علاقة وتنسيق وتعاون بين تركيا وقطر مع جبهة النصرة وداعش، وصولا الى حد تقديم الاسلحة والمعدات العسكرية والاموال.
واوضح التقرير ان جهاز المخابرات الهولندي حصل على العديد من الادلة والوثائق التي تثبت وجود علاقة وطيدة بين تركيا وتنظيم داعش، يكشف عن ضلوع انقرة في نقل الاف من مسحلي داعش الى سوريا واوروبا.
ويكشف جهاز المخابرات الهولندي، انه حصل على ادلة تشير الى ان جهاز المخابرات التركية كان يعقد اجتماعات دورية مع زعماء داعش في سوريا، بنحو كانت تصل فيه تفاصيل اللقاءات والاجتماعات الى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي كان يشرف على خارطة طريق توزيع مقاتلي داعش داخل الاراضي السورية.
وما كان يثير الاستغراب، هو ان اغلب الاراضي التي كانت عناصر داعش تحتلها في سوريا هي ذات المناطق الجغرافية التي احتلتها الدولة العثمانية في معركة مرج دابق قبل خمس قرون من الان، التي كانت بداية لهيمنة وسيطرة الدولة العثمانية في المنطقة والعالم.
وكان تحركات داعش في سوريا تعتمد بالدرجة الاساس على مخططات تضعها تركيا للمناطق التي تعتزم احتلالها على اسس قومية، وكانت تمد داعش بالأسلحة والمعدات الثقيلة لقاء احتلال المناطق ذات الغالبية التركمانية والعربية من اصول تركية، الذي كانت مدينة منبج في سلم اولويات تركيا لتحتلها عبر داعش.
ويشير التقرير الى اسماء العديد من الاشخاص الذين كانوا يضطلعون بدور بارز في ادارة العلاقة بين تركيا وتنظيم داعش، الذي يأتي في مقدمتهم «ابراهيم شا وفاروق اكسيبزي ورجب جامدلي وابراهيم ايلي»، وكان نقل ومعالجة جرحى داعش لتلقي العلاج في المستشفيات التركية بسيارات مظللة لعدم الكشف عن هويتهم احد ابرز مهام هؤلاء.
ويسلط التقرير على ان تركيا كانت تستخدم العشرات من المنظمات غير الحكومية والانسانية لمساعدة داعش، وخصوصا منظمة (IHH) الخيرية الذي كانت الاسماء المذكورة تعمل فيها.
ويقول اسامة عويد وهو احد مسلحي داعش المعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية، ان تنظيم داعش كان يحظى بعلاقات قوية مع تركيا، وكان اضافة الى حصوله على الدعم العسكري يتاجر بالنفط والذهب والقطع الاثرية، مشيرا الى ان الاف القطع الاثرية التي استولى عليها داعش في مدينة الموصل بيعت الى تركيا.
واكد ان زعيم تنظيم داعش ابو بكر بغدادي زار تركيا عدة مرات وكانت المخابرات التركية تمده بالمعلومات وتقوم بحمايته، وهو ما كشف عنه رئيس جهاز مكافحة الارهاب في وزارة الداخلية التركية بين اعوام 2010 و2014 احمد سعيد يايلا، الذي يقول ان الحكومة التركية كانت تمد داعش في سوريا بالأسلحة والمساعدات الانسانية، بما فيها معالجة الشخص الثاني في التنظيم فضل احمد الحيالي في احدى المستشفيات التركية من دون مقابل.
ويكشف رئيس جهاز مكافحة الارهاب التركي السابق، ايضا عن حليس بيانكوك وهو نجل رئيس مؤسس حزب الله التركي، كان يترأس جناح تنظيم داعش الارهابي في تركيا، تحت امرة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
وكانت تركيا قد اعلنت بعد ايام قلائل من مقتل زعيم تنظيم داعش ابو بكر البغدادي عن اعتقال اشخاص من عائلته داخل الاراضي التركية، بينهم زوجته واولاده، وهو ما اثار تساؤلات عن اسباب وجود هؤلاء في تركيا، اعقبته وزارة الخزانة الاميركية الشهر المنصرم بإصدار عقوبات ضد اربعة اشخاص بتهمة التعاون مع داعش اغلبهم يعيشون في تركيا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة