من يزرع ورداً يحصد ورداً

أحلام يوسف
تقول الروائية الإنجليزية المعروفة باسم جورج اليوت ” لن تمطر السماء أزهارا أبدا، فإذا أردنا المزيد من الأزهار يجب علينا زراعة المزيد من الأشجار”.
وهنا يمكننا ان نحاكي مقولتها تلك بان السماء لن تمطر حرية، ما لم نسعَ لتحرير العقل والأفكار من كل قيد يمكن ان يحجمها او يحدّها. وتحاكي أيضا جملة تربينا عليها ونحن صغار “من يزرع يحصد”، فالفعل، أساس رد الفعل، والجهد والسعي أساس النجاح الذي ننشده جميعا.
حسن الجبوري الباحث الاجتماعي تحدث في هذا الشأن وبدأ بمقولة للشاعر الحطيئة يقول فيها ” مَن يَزرَعِ الخَيرِ يَحصُد ما يُسَرُّ بِهِ وَزارِعُ الشَرِّ مَنكوسٌ عَلى الراسِ”، وأضاف: الله خلق الانسان بنصفيه الملائكي والشيطاني، ويبقى تعزيز أي من الطرفين مرهونا بأفعالنا، فكل بذرة نزرعها ونسقيها تزهر فيما بعد، كل حسب طبيعتها. نعم الجينات مسؤولة عن الكثير من صفاتنا، لكن التربية، والقراءة والوعي الذي نعززه بالاطلاع والبحث حتى في اليقين الذي نؤمن به، للوصول الى يقين اخر او نعزز به ايماننا الأول، تسهم بتكوين تفاصيل شخصيتنا.
وتابع: طبيعة ما نزرع، مسؤولية الاهل في بداية شوطنا في الحياة، فالطفل عينه على امه وابيه، يراقب كل خطوة يقومان بها، كل فعل وكل رد فعل تجاه الأشخاص او المواقف، عندما نقول ان الاهل هم من يزرع بذور الخير او الشر داخل نفوس أولادهم فنعني هنا، ادراكهم خطورة التربية، كي لا يستسهلوها ويتصورون ان الطفل لا يحتاج الا الى الحليب وان الله سيتكفل به، الله انعم علينا بنعمة العقل كي نفهم مسؤوليتنا تجاه أطفالنا، كل تصرف نقوم به امام اعينهم هو بالحقيقة بذرة، غرسناها وسقيناها من دون ان نعلم، ومن ثم نتفاجأ ببعض تصرفاتهم ولا نعي ان ما قاموا به، نحن دفعناهم اليه، سواء خيرا كان او شرا.
اما الباحثة مها العبودي فتقول ان الخير والشر يتعززان داخل الانسان بتأثير البيئة المحيطة بالشخص، والبيت جزء منها وليس الأساس، فهناك عدد من الأشرار المجرمين، نشأوا وسط عائلات طبيعية ولهم اخوة صالحين، لكن بسبب رفقة سيئة قادتهم اليها المصادفة، غلب النصف الشيطاني على نصفهم الملائكي، أحيانا المدرسة ونوعية الطلاب فيها، وطبيعة المدينة التي ينشأ فيها ايضا تسهم بتشكيل شخصيته، وهنا اشير الى بعض المدن في كل العالم التي نجد سمة غالبة على أهلها، هناك من يشذ عنهم لكن بنحو عام نجد ان هناك صفات عامة لديهم، فمثلا البيئات الفقيرة، ينشأ أبناؤها بطريقة مغايرة لمن ينشأون في بيئة متوسطة او غنية.
الخير والشر، طرفان يدخلان في كل معركة بغض النظر عن حجمها وقوتها، الحب والكره، الفاسد والسوي، الطيب والحقود…الخ كلها تبني او تهدم عائلات ومجتمع وبلدان. تسهم بتشكيلها دائرة، البيت والمدرسة والمدينة، والدولة متمثلة بطبيعة الحكم والقوانين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة