شكلت المتغيرات السياسية والامنية والاقتصادية التي شهدها العراق منذ 2003 تحديا كبيرا امام المنظومة السياسة في سعيها لإعادة بناء المؤسسة العسكرية على وفق اطر رصينة وتداخلت عدة عوامل داخلية وخارجية في منح هذه المؤسسة الثبات والاستقرار لعل ابرزها هو انشغال النظام السياسي في ترتيب مفاصل الدولة ومواجهة اشكال مختلفة من التهديدات الامنية تطلبت ان تكون المؤسسة العسكرية بكل صنوفها وتشكيلاتها حاضرة ومستعدة للتعامل مع الاخطار المحدقة التي تعرض لها العراق من دون ان تكون هناك فرص كافية لتنظيم هذه المؤسسة وبنائها على اسس ثابتة ومستقرة وفي هذا الملف يمكن الوقوف على نقاط مهمة تؤشر على المراحل التي مرت بها المؤسسة العسكرية بعد ان اصدر السفير بول بريمر امر سلطة الائتلاف في مرحلة انتقالية خطيرة اعلن فيه حل الجيش العراقي والتشكيلات المسلحة الاخرى والشروع بتشكيل جيش جديد وقوات امنية جديدة ومن ثم الصعوبات الكبيرة التي واجهتها الحكومات المتعاقبة في التعامل مع الاستحقاقات الامنية للتعامل مع هجمات التنظيمات الارهابية ومحاولاتها استغلال الفراغ الامني في الكثير من مناطق العراق وصولا الى ظهور تنظيم داعش الارهابي واحتلاله لمحافظات عراقية بوجود تشكيلات مسلحة رسمية مدربة ومهيأة للدفاع عن سيادة العراق مما شكل انتكاسة كبيرة لاتزال المؤسسة العسكرية تعمل على محو آثارها واستلهام الدروس والعبر منها وفي المقابل شكلت الفتوى الجهادية التي انتجت الحشد الشعبي ممارسة عسكرية وامنية ناجحة دللت على ان الايمان في قلوب الشباب العراقي يمكن ان يشكل قاعدة صلبة ومنطلقا حقيقيا لترسيخ عقيدة عسكرية تؤمن بالدفاع عن العراق بشتى اطيافه وقد اكتمل هذا النجاح بتحرير الاراضي العراقية بمساندة واضحة من تشكيلات الحشد الشعبي لقوات الحيش والشرطة وهنا يمكن القول ان دراسة اسباب النجاح والفشل في اداء المؤسسة العسكرية في المراحل المختلفة التي مرت بها البلاد يمكن ان يؤسس لبناء جيش حقيقي يحمل هوية وطنية قادرة على تجاوز التحديات المستقبلية ويأتي الامر الديواني الذي اصدره رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قبل ايام ليتسق مع اهتمامات الداخل العراقي ودعواته لتنقية المؤسسة العسكرية وتحصينها من اي اختراقات وتجاوزات تتمثل بمحاولات القفز على المؤسسة العسكرية وتجاوز صلاحيتها او الاعتماد على ارادات خارجية لتشكيل خارطة عسكرية جديدة تنطلق من تمثيل غير شرعي لقوات مسلحة لاتنتمي للدولة العراقية بشكل اثار مخاوف إقليمية ودولية وقد شهدت بعض المناطق العراقية بالفعل مثل هذه التجاوزات والانتهاكات مما حتم اصدار قرار حاسم يعيد الامور الى نصابها ويقطع الطريق على أولئك الذين ارادوا ارتهان قرار المؤسسة العسكرية او اختطافه ومن المهم جدا ان يعقب القرار الديواني الاخير للقائد العام القوات المسلحة تنفيذ خطوات عملية لوضع ماجاء في مضمون قرار السيد عبد المهدي موضع التطبيق من اجل ان يكون هناك اطمئنان داخلي وخارجي يعزز من النجاحات الامنية العراقية ومن اجل اثبات صدق النوايا والتعهدات التي اكدت على وجود الجيش والشرطة العراقية وتمثيلهم الشرعي في الدفاع عن وحدة الاراضي العراقية .
د. علي شمخي