أحلام يوسف
قد يستغرب البعض إذا قلنا أن ما وصل اليه التعليم من تدنٍ بكل زواياه وجوانبه من ملاك تدريسي غير مؤهل، الى طلاب ضاعوا بين مطارق وسنادين كثيرة، يمكن له ان ينتهي لو اننا أدخلنا عنصر الفن اليه.
فالمعلم يحتاج الى دراية بفن التدريس والتلقين كي يمنح الطالب مادة مفيدة وممتعة، وهذا ما يعمل به في مدارس ما تزال لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وبالفعل نجح المعلمون في تلك المدارس بتحويل مبنى المدرسة الى مؤسسة علم وترفيه وتواصل. وانموذجاً على ما يمكن ان ينجزه العاملون برغم الإمكانيات القليلة ونذكر هنا في هذا الملف واحداً من افضل النماذج الا وهو حميد جحجيح مدير مدرسة الحلة الذي أسهم بتحويل المدرسة من مدرسة اعتيادية او ربما اقل، الى مدرسة يعدها المختصون أنموذجية من وجوه عديدة .
ولو كان المسؤول عن وضع مواد المناهج الدراسية على علم ودراية بمكمن جذب الطالب للمادة المنهجية، لعرف كيف يصوغها بالصورة التي تجعل منها مادة دسمة بما تحمله من معلومات، وبطريقة تضفي وقتا من البهجة للطالب في اثناء مطالعته لها، وذلك لا يمكن ان له ان يحدث ان لم يكن عنصر الفن حاضرا ًبعقله وروحه.
الفن إدراك وحس وشعور بما نحن عليه، وما يجب ان نكونه، والسبيل للوصول الى ما نحلم به بتخطيط هندسي فني يضمر، خلف جماله وسلاسته، حقائق كان أساسها احلاما مرت على بالنا يوما ما.
فهو بذا يشبه أي عمل فني في الدراما التلفزيونية او السينما، والتي تحتاج الى عبقرية وموهبة في فن التمثيل والإخراج وهندسة الصوت والموسيقى التصويرية وغيرها من التفاصيل كي تنتج بالنهاية عمـلاً يستحـق ان يفـوز بإعجـاب المتلقـي.
يقال ان التاريخ فن يحيلنا الى أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم وحضاراتهم، والملوك في دولهم وسيرتهم حتى تتم وتتحقق مهمة الاقتداء في أحوال الكون. فماذا يحتاج الانسان كي يكتسب ملامح الصورة الصحيحة عن هذا الكون غير ان يكون فنانا؟ عارفاً بوقع كل معلومة وكل كلمة على نفوس من عاصروا الحدث، ومن يقرأ عنه وهو منهم.
الفن امر وسعه الكون، وقد لا يحتويه حتى هذا الكون بكل مدياته اللامتناهية والآخذة بالتوسع، لذا فلا يمكن لنا ان نحصره تحت أي مسمى وبأي زاوية، بغض النظر عن جماليتها واهميتها، فالفن، مثله مثل الحياة، لا يمكن ان نشبع ظمأنا منه، ولا يمكن لنا ان نبحث له عن تفسير وشروحات، فهو مفسر ومشروح بكل تفصيل جميل نمارسه نحن او نشهده شرط ان نكون مطلعين على سره الكبير.