دور المواطن في مكافحة الفساد

صحيح، أن مكافحة الفساد، عملية تقع على عاتق الجهات الرقابية التي نصت قوانينها على اتخاذ اجراءات رقابية معينة، لغرض حماية المال العام من الفساد والفاسدين، من خلال اتخاذ اجراءات قانونية معينة، كالتحقيق والتفتيش والتدقيق وغيرها من الأمور التي تقوم بها تلك الجهات بغية وضع حد لعمليات الفساد المستشرية في دوائر الدولة. ولكن، ثمة دور للمواطن، لا يقل أهمية عن دور هيأة النزاهة والادعاء العام والرقابة المالية والمفتش العام. المواطن، يمكنه أيضا ممارسة دور في مكافحة الفساد، والقضاء على الفاسدين، وهذا الدور يتمثل بعدم دفع رشى او أية مبالغ إضافية للموظفين، حتى وان كانت حاجته عندهم. فمن خلال استقراء الواقع الاداري، نجد ان بعض المراجعين، يشجعون الموظفين على أخذ الرشوة، أما لهدف تسريع انجاز المعاملات الخاصة بهم، أو لأجل تجاوز القانون وإنجاز ما خالف القانون.
وبعض الموظفين يطلبون مبالغ مالية طائلة، لغرض إنجاز معاملات معينة، والمراجع ينصاع لتلك الطلبات، ولا يتجرأ على اتخاذ ما يلزم لوقف ذلك الموظف عند حده. فالمفروض بالمراجع الذي يصادفه موظف يطلب منه مبالغ مالية لقاء إداء عمله، أو إنجاز معاملة له، أن يبلغ السلطات المختصة كي تتخذ الاجراءات القانونية المناسبة بحق ذلك الموظف، لكن المراجع غالبا ما يسعى الى ترويج معاملته فقط، ولا يسعى الى القضاء على ظاهرة خطيرة أو آفة تهدد الوظيفة والادارة والمجتمع ككل. فهو يتخوف من ان اخبار السلطات عن ذلك الموظف او التعاون معها في سبيل الايقاع به، او القاء القبض عليه متلبسا، كون انه لا يضمن وجود حماية له ولعائلته، كما يتخوف من القضاء العشائري الذي أصبح يزاحم القضاء الاعتيادي.
اذ ان القانون لا يوفر الحماية الكافية لمن يخبر عن وجود جريمة تجاوز على المال العام. كما ان اخبار الجهات التحقيقية بوجود جريمة معينة، يجعله هدفا سهلا للموظف المستهدف.. وعليه فإن على المشرع العراقي، ان يشرع نصوصا قانونية تشجع المواطن على كشف عمليات الابتزاز التي قد يتعرض لها في دوائر الدولة، وان تشرع ما يؤدي على منحه تطمينات على حياته من خلال توفير الحماية القانونية والأمنية له ولعائلته، وبالمقابل، على المشرع ان يضع عقوبات قاسية بحق المخبرين الذين يستغلون صلاحية الاخبار عن الجرائم لتحقيق غايات شخصية ولتشويه سمعة البعض ممن لديهم خلافات معهم. ان مكافحة الفساد، في ظل هذه الظروف عملية معقدة ولا تخلو من الاشكاليات والاخفاقات، ولضمان تحقيق اهدافها، يجب ايجاد نصوص قانونية متكاملة، تغطى كافة جوانب تلك العملية. كما يجب على المشرع تشجيع ثقافة محاربة الفساد لدى المواطن، والوقوف بوجه الفاسدين، خصوصا الموظف الصغير الذي يستغل منصبه الوظيفي لتحقيق مكاسب مادية على حساب الوظيفة والمواطن في وقت واحد.

سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة