بغداد ـ الصباح الجديد:
فاح عطر الياسمين والقداح في كتب التاريخ الذي سجل أسماء عراقيات زرعن الزهر في ممرات حياتهن وحياة الاخرين من حولهن واسهمن في النهوض بالبلاد فما بين طبيبة وشاعرة ووزيرة ومحامية ومغنية ومهن أخرى…….
أول امرأة تسلمت منصب
الوزارة في العالم العربي
نزيهة جودت الدليمي ولدت عام « 1923 « وتوفيت عام « 2007 « ، ناشطة عراقية في حقوق المرأة وهي أول وزيرة عراقية كما انها أول امرأة تتسلم منصب الوزارة في العالم العربي.
ولدت نزيهة جودت الدليمي في محلة الباب المعظم ببغداد سنة 1923في عائلة من الطبقة الوسطى.
وأكملت دراستها الابتدائية والمتوسطة والتحقت بمدرسة تطبيقات دار المعلمات ثم في الثانوية المركزية وفي السنة 1941-1942 دخلت الكلية الطبية العراقية وتخرجت فيها سنة 1947 طبيبة، عملت في المستشفيات العراقية من بغداد حتى السليمانية وكانت لها عيادة خاصة في محلة الشواكة ببغداد، كما عملت لفترة مع منظمة الصحة العالمية.
انتمت الدكتورة نزيهة إلى الحزب الشيوعي العراقي سنة 1948 وعملت في خدمة أهدافه واشتركت في وثبة كانون الثاني 1948، لكنها سرعان ما تركت الحزب.
وقد تولد لديها حس وطني تقدمي منذ كانت طالبة في الكلية الطبية حتى أنها شاركت سنة 1945 اجتماعاً لجمعية نسائية عرفت في وقتها بأسم الجمعية النسوية لمكافحة الفاشية والنازية، وفي هذا الاجتماع تقرر أن يكون نشاط هذه الجمعية بأسم رابطة النساء العراقيات وفي سنة 1952 أصبح اسمها رابطة المرأة العراقية.
ويقال أن عدد أعضاء هذه الرابطة في الخمسينيات من القرن الماضي تجاوز ال 40 ألفاً من النساء العراقيات.
وقد تولت الدكتورة نزيهة الدليمي رئاستها وكان لهذه الرابطة علاقات مع التنظيمات النسائية في العالم حتى أنها شاركت في مؤتمر النساء العالمي في كوبنهاكن سنة 1953 وكانت عضواً في الاتحاد النسائي العالمي الديمقراطي، وفي منظمة أنصار السلام العراقية 1954، وفي مجلس السلم العالمي.
وقد أقدمت الدكتورة الدليمي على التعريف بنشاط المرأة العراقية من خلال كتاب صغير الفته بعنوان «المرأة العراقية « تعرضت فيه إلى واقع المرأة العراقية بجرأة شديدة وانتقدت هيمنة التقاليد البالية على المجتمع ودعت النساء إلى الثورة على ذلك الواقع والتحرر من الأغلال، والاعتماد على أنفسهن في استعادة حقوقهن المشروعة. ونظرا لنشاطها هذا فقد تعرضت خلال العهد الملكي وما بعد ذلك إلى المضايقة من السلطة الحاكمة ونقلت إلى خارج بغداد لأكثر من مرة.
في سنة 1959 اختارها الزعيم الركن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية وزيرة للبلديات وبهذا فهي أول وزيرة ليس في تاريخ العراق بل في الوطن العربي كله.
ولم يكن اختيارها على أنها شيوعية بل لكفاءتها العلمية والمهنية والإدارية ولدورها في خدمة المرأة .
وكان لها دورها في الدفع بتشريع قانون الأحوال الشخصية ذي الرقم 188 لسنة (1959 ) ،الذي ضمن حقوق المرأة العراقية وكان قانوناً متقدماً في حينه وما يزال حتى أن بعض الباحثين يؤكدون بأن ذلك القانون يعد من أرقى قوانين الأحوال الشخصية في الشرق الأوسط وأكثرها تقدمية .
عرفت الدكتورة نزيهة الدليمي بحبها للفقراء ورعايتها للمرضى ولذوي الاحتياجات الخاصة.
رائدات عراقيات في الطب
– الدكتورة أناستيان, ارمينية الأصل ولدت في بغداد محلة الكريمات سنة (1914م).
تخرجت في كلية الطب الجامعة الاميريكية بيروت وتم تعيينها كأول طبيبة في المستشفى الملكي (1945م).حصلت على شهادة دبلوم اختصاص في النسائية والتوليد في دبلن-ايرلندا,عادت للوطن وعملت في الردهة العاشرة في المستشفى الملكي وعينت استاذة مساعدة في الكلية الطبية ثم عينت استاذة في قسم النسائية والتوليد سنة(1965م).
تعتز بتدريس أجيال ولها أسلوب أصيل في فحص وعلاج بعض الامراض والحالات النسائية حصلت على عضوية شرف في كلية الجراحين الاميريكية توفيت بعد عمر مديد قارب المئة قضت معظمه في خدمة مرضها وطلبتها.
-الدكتورة سانحة أمين زكي, اول فتاة مسلمة تدخل كلية الطب ولدت عام (1920) وتنحدر من اصول كردية عربية تركمانية, التحقت بالدراسة الابتدائية في الموصل وهي بعمر الرابعة ثم انتقلت بعدها الى بغداد برفقة عائلتها, كانت رغبتها في ان تصبح كاتبة الا انها استجابت لرغبة والدها والتحقت بالطب.
تدربت في قسم الاشعة وانتقلت بعدها الى مستشفى الكرامة في الكرخ وتحولت بعدها الى قسم النسائية والتوليد التي اشرفت عليها الدكتورة اناستيان وغيرها من الاطباء وتخرجت من كلية الطب عام (1944م) وأصبحت عضوًا في كثير من الجمعيات وقدمت كثيرًا من الدراسات والبحوث في الطب.
– الدكتورة سلوى عبد الله مسلم وهي اول طبيبة صابئية مندائية تخرجت عام (1956م) وكانت مثال الاخلاق والطيبة وتميزت بخدماتها الانسانية في مجال الطب العام والنسائية والولادة وعملت في مستشفيات عديدة وفي عيادتها الخاصة ومعروف عنها حسن التزامها وسلوكيتها المهنية .
رائدات في الشعر
«أنخيدو أنّا» أميرة أكدية أول شاعرة في التاريخ
انخيدو أنا, (2300- 2225 ق.م) هي أول أميرة تشغل مركز الكاهنة العظمى (لأنو) وللإله (سن) وهو اله القمر، ويعني اسمها “الكاهنة العليا زينة السماء” وهي ابنة الملك سرجون الأكدي.
أن أهميتها لم تنبع فقط من كونها الكاهنة العظمى، وإنما لكونها قد سنت أن يبقى بعدها منصب الكاهنة العظمى مقتصراً على الأميرات من بنات وأخوات الملوك أيضا.
ولم تشتهر الأميرة بكونها الكاهنة العظمى فقط أو لسنها ما أشرنا إليه، بل بكونها قد برزت في مجال الأدب، وهي شاعرة تنظم القصائد في مدح الآلهة، وقد وصلتنا أحدى قصائدها الشعرية المسماة (سيدة النواميس الإلهية)، والتي نظمتها في مدح الآلهة (أنانا)(عشتار).
ويقول الدكتور خزعل الماجدي إن السبب الذي دفع بالمؤرخين والباحثين أن يعدوا «أنخيدو- أنّا» كأول شاعرة في التاريخ هو أنها كانت تذيّل على ألواح قصائدها اسمها، فيما كانت ألواح الشعر قبلها خالية من اسم مؤلفيها وكان بعضها يحمل أسماء نسّاخ هذه القصائد وليس أسماء مؤلفيها، مضيفا: «جُمع ما توفر من قصائدها وبلغت نحو42 قصيدة». وأوضح الباحث العراقي أن الكاتب وليام هالو قد وصف هذه الشاعرة بأنها “شكسبير الأدب السومري».
نازك الملائكة ..شاعرة فذّة
من أوائل كتّاب الشعر الحر
نازك صادق الملائكة (بغداد 23 آب – أغسطس 1923– القاهرة 20 حزيران – يونيو 2007) شاعرة من العراق، ولدت في بغداد في بيئة ثقافية وتخرجت في دار المعلمين العالية عام 1944. دخلت معهد الفنون الجميلة وتخرجت من قسم الموسيقى عام 1949، وفي عام 1959 حصلت على شهادة ماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن-ماديسون في أميريكا وعينت أستاذة في جامعة بغداد وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت. عاشت فيالقاهرة منذ 1990 في عزلة اختيارية وتوفيت بها في 20 يونيو 2007 عن عمر يناهز 83 عاما بسبب إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية ودفنت في مقبرة خاصة للعائلة غرب القاهرة.
يعتقد الكثيرون أن نازك الملائكة هي أول من كتبت الشعر الحر في عام 1947 ويعد البعض قصيدتها المسماة الكوليرا من أوائل الشعر الحر في الأدب العربي. وقد بدأت الملائكة في كتابة الشعر الحر في فترة زمنية مقاربة جداً للشاعر بدر شاكر السياب وزميلين لهما هما الشاعران شاذل طاقه وعبد الوهاب البياتي، وهؤلاء سجلوا في اللوائح بوصفهم رواد الشعر الحديث في العراق .
ولدت نازك الملائكة في بغداد لأسرة مثقفة، وحيث كانت والدتها سلمى عبد الرزاق تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو “أم نزار الملائكة” وكانت تحبب اليها الشعر ولها أثر كبير في تنمية موهبتها وكانت تحفظها الأوزان الشعرية المشهورة (التي حددها علم العروض)، أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة “دائرة معارف الناس” في عشرين مجلداً. وقد اختار والدها اسم نازك تيمناً بالثائرة السورية نازك العابد، التي قادت الثوار السوريين في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي في العام الذي ولدت فيه الشاعرة. وجدتها (أم امها) شاعرة هي الحاجة هداية كبة ابنة العلامة والشاعر الحاج محمد حسن كبة، وان خاليها “جميل الملائكة” و”عبد الصاحب الملائكة”كانا شاعرين معروفين وخال أمها الشيخ محمد مهدي كبة شاعر وله ترجمة رباعيات الخيام نظماً .
درست نازك الملائكة اللغة العربية وتخرجت عام 1944م، ثم انتقلت إلى دراسة الموسيقى ثم درست اللغات اللاتينية والإنجليزية والفرنسية في الولايات المتحدة الأميركية، ثم انتقلت للتدريس في جامعة بغداد ثم جامعة البصرة ثم جامعة الكويت. وانتقلت للعيش في بيروت لمدة عام واحد ثم سافرت عام 1990 على خلفية حرب الخليج الأولى إلى القاهرة حيث توفيت، وحصلت نازك على جائزة البابطين عام 1996، كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 مايو/أيار 1999 احتفالا لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي والذي لم تحضره بسبب المرض وحضر عوضاً عنها زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة، ولها ابن واحد هو البراق عبد الهادي محبوبة، وتوفيت في صيف عام 2007م.
رائدة الغناء النسوي العراقي
“سليمة مراد” اول امرأة أطلق عليها لقب « باشا «
كانت الموسيقى العراقية تمثل التنوع العرقي داخل البلاد، حيث تضم أنماطاً من العرب والأشوريين والأكراد والتركمان واليهود، حيث لم يتوقف الطرب على الجنس الذكوري فقط بل شمل النساء ايضًا، وسليمة أولى النساء اللواتي نلن لقب باشا في عهد نوري السعيد.
ومثلت امتداداً لتاريخ الحركة النسوية العراقية الطويل وواجهت ذكورية المجتمع، وكانت اولى النساء التي اعتلت المسرح، وغنت وأتقنت المقام البغدادي، وفي ذلك الوقت، كان من المعيب أن تغني المرأة في الأماكن العامة، بحيث لا تسمح عائلة محترمة لابنتها بأن تصبح مغنية محترفة.
في إحدى مقالاتها أشارت سليمة إلى أن الجمهور هو الذي منحها لقب (باشا) “ذات يوم أخذ الطرب بمشاعر أحد الحاضرين في المكان الذي كنت أغني فيه فوقف صارخاً (أنت الباشا وأحسن من الباشا) ومن يومها ينهي الجمهور آهاته وطربه بجملة (يا سليمة يا باشا) ومن يومها اقترن اللقب باسمي”.
وفي منتصف السبعينيات رحلت الفنانة الرائدة سليمة مراد بعدما عاشت حياة عريضة من الشهرة والمال والفن الجميل، حيث توفيت في أحد المستشفيات في بغداد ودفنت إلى جوار زوجها المطرب الراحل ناظم الغزالي.
في القانون :
صبيحة الشيخ داود … أول محامية عراقية وأول قاضية في العراق والعالم العربي
ولدت في بغداد 1912، والدها الشيخ أحمد الداود وزير الأوقاف في العهد الملكي.
نشأت وتعلمت القرآن الكريم في صغرها، ثم أكملت الدراسة الابتدائية والمتوسطة.
دخلت كلية الحقوق عام 1936 وتخرجت فيها سنة 1940 وهي أول فتاة أكملت دراسة الحقوق وكانت تسمى الحقوقية الأولى.
شاركت في صغرها سنة 1921 عندما كانت بعمر 9 سنوات في المهرجان الأدبي الكبير الذي أقيم في بغداد بعنوان ( سوق عكاظ ) فمثلت فيه دور الشاعرة الخنساء وهي تركب ناقة عربية بحضور الملك فيصل الأول ووالدها وزير الأوقاف.
مارست المحاماة مدة يسيرة ثم عينت مفتشاً في وزارة المعارف، وعينت عام 1956 قاضية في محاكم بغداد
في عام 1958 عينت عضواً في محكمة الأحداث واستمرت في هذه الوظيفة حتى أحيلت الى التقاعد.
أسهمت في النهضة النسائية فاشتركت في المؤتمر النسائي الأول الذي عقد ببغداد 1932م، واختيرت سكرتيرة له وألقت محاضرة عن حقوق المرأة المسلمة.
اشتركت في المؤتمر النسائي العربي في بغداد 1952، وكانت لها جهود مذكورة في الجمعيات الخيرية كالهلال الأحمر وحماية الأطفال.
روت تجربتها النسوية في كتاب بعنوان ( أول الطريق) صدر عام 1958.
كان لها صالون أدبي يعقد كل أسبوع في دارها المطلة على دجلة فيحضره رجال الفضل والصحافة والأدب والسلك الدبلوماسي. زارت الأقطار العربية، واتصلت برائدات النهضة النسوية فيها.
قال الأديب العراقي جعفر الخليلي أن صبيحة متأنقة في لباسها، صريحة في قولها، يكاد لسانها ينطق بكل ما في صدرها، صبيحة الوجه حلوة الشمائل بعيدة عن التكلف إلى حد معقول.
توفيت سنة 1975 ودفنت في مقبرة الخيزران بالأعظمية في بغداد.