يوسف الخليفة: وطني جميل يحتضن اطيب شعب

أحلام يوسف

ركب على ظهر عنقاء وطارت به فوق أعالي الغيوم، فكان متوجسا مرتابا لكنه سعيد ومتحمس لما سيشاهده برحلته تلك، المخرج العراقي الحائز على جائزة البافتا عن فئة أفلام الانيميشن يوسف الخليفة القادم من مدينة الضباب ليخط اول معالم الوضوح في زيارته الأولى لبغداد.
التقيناه كي نتعرف من خلاله ليس فقط على اخر مشاريعه الفنية والاخراجية تحديدا، بل لنتعرف على بغداد من خلال عيون شاب عراقي ولد خارج بلده الأم، وجاء بزيارة للمرة الأولى ونتأمل ان لا تكون الأخيرة.
تخرج الفنان يوسف الخليفة بدرجة الماجستير من الاكاديمية الوطنية للسينما والتلفزيون البريطانية عام 2012، وسبق أن عمل عدة أفلام متحركة قصيرة عرضت على قناة بي بي سي ومهرجانات سينمائية دولية.
وشارك فيلمه الأخير (النوم مع السمك) في عدة مهرجانات سينمائية دولية معنية بأفلام الأنميشن، منها مهرجان ادنبرة العالمي في سكوتلاند ومهرجان سيؤول 2013 الذي يعد واحدا من اهم خمسة مهرجانات في العالم، ومهرجان (سين انما) في اسبينيو في البرتغال وفي مهرجان سينما الطلبة في بواتييه في فرنسا.

حدثنا بداية عن فيلم النوم مع السمك الفائز بجائزة البافتا، كيف تبلورت فكرة قصته؟
كنا نجتمع انا وكاتبة القصة سارة وولنر ونتحدث ونتبادل الأفكار بشأن قصة معينة وقد تولدت لدينا فكرة الكتابة عن موضوع الوحدة، حيث يعاني الكثير منا من الإحساس هذا، مع اننا أحيانا نحتاج اليها، لمراجعة أنفسنا او ربما لصقل فكرة ما تدور في خلدنا، فنحتاج الى خلوة لترتيب تلك الفكرة. لكن لم يكن لدي تصور ان تكون القصة عن بطلة تعشق السمك، وتحب فيما بعد رجلا تجد فيه شبها من الأسماك.
تعيش بطلة القصة، بائعة «السمك» وحيدة، أنيسها الوحيد السمك، تقع بغرام احدى زبائنها. رجل تبدو عليه ملامح سمك السلمون المرقط. فتبقى حائرة ما بين اعجابه به وبين تخوفها من الاختلاط بالناس، وابتعادها عن الوحدة التي اختارتها طواعية.
تحدث الخليفة عن الموسيقى التي رافقت الفيلم بوصفها مكملة للمشهد، فتجسد بسلمها الموسيقي الإحساس بالوحشة، والعزلة، «أردنا ان يكون كل شيء مكملا لبعضه».

هل كنت تتوقع فوز الفيلم بالبافتا عندما بدأتم بالتحضيرات له؟
لا ابدا، لان المشاركة لوحدها بمهرجان عالمي كانت بمنزلة حلم، لكن الحلم جمح معنا وفاز الفيلم بجائزة الأكاديمية البريطانية للسينما وفنون التلفزيون (BAFTA) في مجال الأفلام القصيرة المتحركة.

الفوز بجائزة البافتا مسؤولية كبيرة هل من مشاريع مستقبلية؟
أفكر بقصة فيلم لكن ليس انيميشن، انما قصة يجسدها ابطال حقيقيون. هناك اكثر من فكرة، واكثر من قصة، لكن لحد الان لم تتبلور حكاية معينة، كي ابدأ بالتخطيط والتجهيز لها، وكنت انتظر زيارتي للعراق كي تتولد لدي أفكار لقصص أخرى، قد تكون من الواقع العراقي ، فما سمعته وشاهدته يوحي بعشرات القصص، هناك زخم في العراق، يمكن للكاتب ان يكتب عشرات القصص الكوميدية والمأساوية، والفانتازية، هناك تنوع واختلاف وزوايا عديدة بالحياة العراقية، زاخرة بالأحداث والجمال والالم والمتناقضات التي اجدها جميلة بزوايا عديدة منها.

ما الصورة التي كنت تخيلتها عن العراق وبغداد وما نسبة الحقيقة فيها والزيف؟
قبل ان آتي الى العراق كنت خائفا، لكن متشوقا، وقد تكون زيارتي هذه نوعا من مواجهة الخوف، لكني وجدت ان الاعلام للأسف لم ينقل الصورة متكاملة، كنت اسمع عن اخبار الخطف والقتل والاغتيالات خاصة بعد ان انتهت مرحلة التفجيرات الى غير عودة باذن الله، لكني هنا وجدت شعبا طيبا وعاطفيا الى حد كبير، عرفت هنا ان الوطن لا يعني سياسة وحكومة ونشرات اخبار، بل يعني عائلة، محبة، أصدقاء، حميمية بالعلاقات، هنا وجدت ما يكملني، كنت ابحث منذ سنين عما ينقصني، لم اكن اعلم ما هو، الى ان وجدته في العراق، اهلي، محبتهم وشوقهم وعاطفتهم.

هل هناك أماكن معينة كنت تنوي زيارتها قبل مجيئك ؟
نعم كان في خطتي زيارة المتحف العراقي ونصب الحرية وشارع المتنبي ومدينة بابل والاهوار في جنوبي العراق، والاهوار على وجه التحديد كنت متحمسا جدا لرؤيتها وركوب القارب المسمى بالمشحوف، اما ما استطعت زيارته بالفعل فهو المتحف العراقي الذي اذهلني بحجمه ومعروضاته، كان بودي ان اقضي يومي داخله، او في الأقل زيارته مرارا، لكن الوقت قصير ولا يرحم، زرت شارع المتنبي، وادهشني التآلف بين رواده على كثرتهم، والعناوين الكبيرة والمتنوعة وعدد المكتبات، شارع المتنبي اظنه فريدا عالميا، زرت سوق السراي المكمل لروح شارع المتنبي، نصب الحرية، وجدته صرحا عظيما بمدلولاته وحجمه، كنت اشاهده بالصور ولم اكن اظنه بهذا الحجم. الاهوار اجلت زيارتها الى سفرتي المقبلة، لأني علمت ان الموضوع يتطلب التواجد هناك اكثر من يوم، وانا كل ما لدي اقل من أسبوعين، اما بابل فلم يقدر لي زيارتها، لأننا استأجرنا سيارة هيأنا كل ما تتطلبه مثل تلك الرحلة، وتعطلت السيارة قبل ان تنطلق بنا.

ما هو حلمك الشخصي والعام؟
حلمي الشخصي ان اخرج فيلما بأبطال حقيقيين واشارك به في مهرجان عالمي، وان ازور العراق قريبا، ويكون معافى اكثر، حلمي العام السلام لكل العالم ان لا نسمع عن جوع او حرب او قتل في اي مكان على الكرة الأرضية.. كوكبنا جميل والحياة جميلة شرط ان نعرف قيمتهما.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة