فرض القانون يبدأ من “احترام السير”
نينوى ـ خدر خلات:
في مدينة تعد الثانية على مستوى العراق من حيث عدد السكان وثقلها الثقافي، تقع آلاف المخالفات المرورية يوميا من دون حسيب أو رقيب، وفوضى عارمة لا تشبه سوى تلك الفوضى في مدن إفريقية فقيرة وبائسة تفتقر لتقاطعات “الترفك لايت” او لمدن لاتينية يسيطر على الأمن فيها مافيات المخدرات، على وفق ما يقوله ناشطون عن حالة المرور في مدينة الموصل.
وأنت تتجول بشوارع مدينة الموصل، وفي اي منطقة سكنية، بجانبيها الايمن والايسر، ثمة عامل مشترك للمشهد وهو “الفوضى المرورية”، حيث يمكنك ان تتوقع اي تصرف مفاجئ من قبل اي سائق لمركبة ما، ويعبر من اي مكان باتجاه اي مكان، اما سيارات نقل المواطنين (الكيات على وفق التسمية الشائعة) فان اصحابها يقفون حيثما يريدون، ويردون بنرفزة واضحة ضد اي انتقاد لتصرفاتهم التي تخالف ابسط قواعد السير.
يقول الناشط الموصلي موفق فخري اللهيبي لـ “الصباح الجديد” ان “فوضى المرور في شوارع مدينة الموصل ليس لها نظير الا ربما في مدن افريقية فقيرة وبائسة وتفتقر للاسفلت و حتى للاشارات الضوئية، او في مدن اميركا اللاتينية التي تعمها الفوضى وغياب القانون حيث تسيطر على الشوارع المافيات وجماعات الجريمة المنظمة”.
واضاف “يمكنني القول ان الاف المخالفات المرورية يوميا تقع بالموصل، حيث ان مئات السواق يوقفون سياراتهم حيثما يشاؤون، وعشرات من المخالفين لاتجاه السير ولقوانين المرور يفعلون ما يشاءون، وعشرات منهم يعبرون الارصفة ليقطعوا الشوارع ليصلوا لمرامهم باسرع وقت ممكن، وهذا امر لا يطاق”.
اما الناشط فواز جميل العزاوي، فقال من جانبه “فرض القانون وهيبة الدولة وسطوتها يبدأ من الشارع، وان احترام قوانين السير وكوادر شرطة المرور هو نقطة الانطلاق في احترام القانون العام”.
وتابع بالقول “لكن للاسف في اغلب شوارع مدينة الموصل هذا الشيء مفتقد، حيث يمكننا ان نرى العجب، ففي الشارع العام بمنطقة حي النور مثلا، اضطر اصحاب المحال التجارية لوضع اسلاك شائكة بين شارعين لمنع السواق المخالفين من ممارسة هوايتهم المحببة في مخالفة قوانين السير والدخول والخروج من طريق عام ومزدحم في اي وقت يشاؤون”.
ويرى العزاوي ان “تضرر اغلب جسور الموصل والطرق الرئيسة لا يعني السماح بنشر الفوضى وغلبة قانون الغاب، ففي دورة النبي يونس، التي تشهد زحاما منذ السابعة صباحا حتى السابعة مساء، قام عنصر بشرطة المرور بفرض غرامة على سائق مركبة لسيارة كيا (للنقل الخاص) لانه خالف وبشدة قوانين السير وسبب ارباكا حادا في حركة السير حينها، لكن للاسف قامت مجموعة من اصحاب سيارات الكيا بالتهجم على عنصر المرور بألفاظ نابية، واضطر المسكين للتهرب منهم والاحتماء بمفرزة قريبة من زملائه”.
ومضى بالقول “وهنالك ايضا الباعة المتجولون ممن يجرون عرباتهم الخشبية ويعرضون بضائعهم من الفواكه والخضر، وهؤلاء ايضا لا يعبؤون ابدا بقوانين المرور، ويتوقفون حيثما يريدون ويعقدون المشهد ويخلقون مناخا سلبيا لازدحام السير”.
ونوه العزاوي الى ان “فوضى المرور لا يمكن تحميلها لطرف او طرفين فقط، بل ان الحكومة المحلية والبلديات والطرق والجسور يتحملون المسؤولية الاكبر، كما ان المواطن يتحمل جانبا مهما من هذه المسؤولية، حيث ان عناصر المرور يشتكون احيانا من ان الكثير من سواق الموصل عندما يذهبون لمدن اقليم كردستان، لا يلتزمون بقوانين السير، لكنهم يتخلون عن ذلك في شوارع الموصل”.
منوها الى ان “شرطة المرور بحاجة لتعامل صارم واكثر جدية مع هذه الفوضى، وينبغي وجود قوات امنية مع مفارز المرور لمنع اي تجاوز ضدهم، لانه آن الاوان للتعامل بالغرامات الفورية او الآنية ضد السواق المخالفين، لأنه من غير المعقول ان تستمر هذه الفوضى الى الابد”.