يعد حديث رئيس الجمهورية المنتهية ولايته فؤاد معصوم في ليلة تسليم السلطة الى خلفه الرئيس المنتخب برهم صالح، هو الأجرأ والأهم، طوال فترة توليه المنصب، حيث لم يعتد الشارع العراقي على مثل هكذا تصريحات، تشير وبوضوح الى أسباب الأزمة، وبشكل مباشر. ان ما قاله الرئيس المنتهية ولايته، لا يختلف اثنان على صحته، وهو قبل أي شيء، رسالة موجهة الى خلفه صالح، مفادها، ان الدستور، سيكون العقبة الأولى والأكبر في طريقك، لذا، عليك ان تجد الحلول البديلة التي تمكنك من الإفلات من تلك العقبة، من دون ان تتهم بخرق الدستور. أهم ما تناوله معصوم في خطابه، هو الإشكاليات التي ترافق عمل رئاسة الجمهورية، وان الدستور هو سبب تلك الإشكاليات، إضافة الى السلطة التشريعية التي لم تقم بواجباتها الكاملة في تطبيق الدستور بشكل يسهم في دعم واستقرار عمل رئاسة الجمهورية. ومن اهم الإشكاليات هو عدم تطبيق نص المادة 69 أولا من الدستور التي تنص: تنظم بقانون، أحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية. وهو ما أشار اليه معصوم حين قال عن مجلس النواب: أغفل تشريع قانون رئاسة الجمهورية الذي بغيابه تظل الرئاسة تعاني مشكلات كثيرة في ممارسة عملها الدستوري. وهذا الخلل، يعني عدم وجود آليات قانونية في اختيار رئيس للجمهورية، والاكتفاء بما موجود في الدستور، خلافا للفقرة ثانيا من المادة نفسها ، والتي تخص تشريع قانون يحدد آليات اختيار نواب رئيس الجمهورية، حيث شرع البرلمان في احدى الدورات السابقة، القانون رقم 1 لسنة 2011، وذلك لوجود حاجة تتمثل باستحداث مناصب إدارية جديدة لإرضاء احد الأحزاب، وهو ما حدث بالفعل، حيث كانت هنالك حاجة لتعيين ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية وهذا التعيين، لابد ان يتم على وفق قانون، لذلك تم تشريع هذا القانون، اما فيما يتعلق برئيس الجمهورية، فيبدو انه لا حاجة سياسية له، لذلك لم يقم البرلمان بتشريع قانون ينظم أحكام ترشيح وانتخاب رئيس الجمهورية. وبالعودة الى جذور الأزمات التي تحدث عنها الرئيس والتي مردها الأول والأخير هو الدستور، فهو كلام صحيح، حيث ان قصور الدستور عن معالجة الكثير من الحالات، إضافة الى صياغته بألفاظ وعبارات تقبل التأويل وغير واضحة، مما اسهم بإذكاء الخلافات والنزاعات بين الأحزاب والكتل السياسية، مما أدى بالنهاية الى عرقلة سير العملية السياسية، والانشغال بالخلافات، من دون الالتفات الى معاناة المواطن ومشكلاته والأزمات التي تعصف بالشارع العراقي. وللأسف، فإن الخلافات ستستمر طالما ان الدستور غير قابل للتعديل، او يحتاج الى آليات معقدة وشبه مستحيلة كي يتم تعديله وتلافي الأخطاء والهفوات التي اسهمت وتسهم في تأجيج الخلافات السياسية وعرقلة أي عمل من شأنه ان يسهم في حل مشكلة او تفكيك أزمة.
سلام مكي
جذور الأزمات وآخر ما قاله الرئيس
التعليقات مغلقة