جمهوريون يحذّرون أوروبا من تجاهل العقوبات على طهران

مواقف عالمية مختلفة.. والنفط الإيراني على المحك

الصباح الجديد ـ وكالات:

وجه أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزب الجمهوري رسائل إلى سفارات كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في الولايات المتحدة، يحذرون فيها من تجاهل العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
وتشدد الرسائل على أن العقوبات الأميركية ليست قراراً حكومياً فحسب، بل هي ناجمة عن القوانين الفيدرالية التي اتخذها الكونغرس، وأن محاولات تجاهلها من جانب البلدان الأوروبية ستؤدي إلى عواقب.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قد أعلن، في وقت سابق، عن نيته استئناف كل العقوبات ضد إيران، بما فيها العقوبات ضد الدول الأخرى التي تتعاون مع طهران على خلفية انسحاب بلاده من الاتفاق النووي.
من جانبها، ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن إيران تعتزم تقديم حوافز‬‬تتعلق بالأسعار والضرائب لمستثمري القطاع الخاص لتولي مشروعات الدولة المعطلة والمساعدة في دعم الاقتصاد مع مواجهة البلاد للعقوبات الأميركية وانسحاب الكثير من الشركات الأجنبية.‬‬‬‬‬‬
كما تستهدف الخطة الإيرانية الجديدة، إضافة إلى اتخاذ إجراءات لمكافحة الجرائم المالية، تهدئة المخاوف بشأن القرار الأميركي.
وأدت العودة المتوقعة للعقوبات إلى تراجع سريع في قيمة العملة الإيرانية، وإلى احتجاجات من التجار الموالين بنحو تقليدي للنظام الإيراني، وإلى غضب عام من مزاعم التربح.

موقف بغداد
وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن العراق سيشكل لجنة عليا برئاسة البنك المركزي، للنظر في كيفية التعامل مع العقوبات الأميركية على إيران، كاشفا عن عزم الحكومة، إرسال وفد عراقي إلى الولايات المتحدة، للتفاهم بشأن التعاملات المالية مع إيران.
وأضاف العبادي، أن «الحكومة العراقية ليست مع العقوبات الاقتصادية ضد أي بلد، هذا موقف ستراتيجي».
وانتقد النائب السابق عن ائتلاف دولة القانون محمد السعدون مساعي الحكومة الحالية لإرسال وفد رفيع إلى الولايات المتحدة الأميركية، لمناقشة استثناء العراق من العقوبات المفروضة على ايران، مطالبا الحكومة برفض العقوبات وعدم الوقوف مع الجانب الأميركي.
وقال سفير إيران في بغداد ايرج مسجدي، إن «حجم التبادل التجاري بن ايران والعراق خلال العام الايراني الماضي، المنتهي في 20 آذار 2018، بلغ 13.2 مليار دولار، منها 6.5 مليار دولار، بضائع غير نفطية». وهذا مؤشر على ان العراق يعتمد بنحو كبير على الوراد الإيراني من السلع والبضائع والطاقة وغيرها.
وأشار مسجدي، إلى أن إيران تحتل المركز الأول بين سائر شركاء العراق التجاريين.

المأزق
قال النائب الأول للرئیس الإيراني، إسحاق جهانغیری إن بلاده «تمرّ حالیا بظروف اقتصادیة حساسة»، لكنه اعتبر في الوقت نفسه أنها «ليست في مأزق، بل حتى لم تدخل مرحلة الأزمة».
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن جهانغیری، إن إيران «من ضمن البلدان الـ10 الأولى في العالم من حیث الموارد الطبیعیة والثروات المنجمیة».
وأضاف: «لا توجد قوة عالمیة الیوم قادرة على تحجیم مكانة إیران، وسنوظّف جمیع طاقاتنا في مواجهة السیاسات العدائیة واجتیاز الأزمات».
وكانت إيران أعلنت خطة لخفض واردات السلع بمقدار 10 مليارات دولار خلال العام الجاري، والعمل على إيجاد بدائل لها في الداخل، بهدف دعم الإنتاج الوطني والحد من واردات السلع التي لها مثيل في الداخل.
نائب وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني، رضا رحماني، قال في تصريحات نهاية الشهر الماضي نقلتها وكالة أنباء فارس الرسمية، إن تحقيق النمو بنسبة 8% في البلاد بحاجة إلى استثمارات بمقدار 180 مليار دولار من ضمنها 60 مليار دولار ينبغي توفيرها من الخارج.
ودخلت العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، حيز التنفيذ، الثلاثاء 8 آب الجاري، وذلك في أعقاب انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الإيراني في أيار الماضي.
وتستهدف العقوبات، التي تم تعليق العديد منها في أعقاب الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015، صناعة السيارات في إيران والفولاذ والألومنيوم وغيرها من المعادن بما في ذلك الذهب.

النفط على المحك
وتسعى إيران لإيجاد حلول بديله لتسويق النفط وتحصيل إيراداته بعد دخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ.
وقال اسحاق جهانغيري النائب الاول لرئيس الجمهورية الإيرانية: «اوروبا تعهدت لإيران بتعويضها عما لحقها من خسائر جراء خروج الشركات الأوروبية الخاصة من البلاد وذلك عبر إدخال شركات صغري ومتوسطة بديلة وإيجاد سبل اُخري جديدة».
وتطرق جهانغيري الي مساعي إيران الرامية لإيجاد سبل تساعدها علي مواصلتها بيع النفط والتخطيط للبلد من دون اعتبار نشوب حرب أو بدء مفاوضات مع الجانب الأميركي.
وأكّد جهانغيري أن الحكومة تركز الان على الاقتصاد المحلي ومعالجة قضايا الشعب عبر توظيف الكفاءات الداخلية.
وفي سياق الأثار الناتجة عن العقوبات الأميركية قال كاظم غريب آبادي مبعوث إيران الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا: «لا يحق لأي دولة أن تأخذ حصة الأعضاء الآخرين من إنتاج النفط وصادراته تحت أي ظرف من الظروف».
وأضاف في تصريحات نقلها موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية: «يجب على منظمة أوبك أن تنأى بنفسها عن السياسة».
وفي محاولة لتقليل أثر العقوبات أكد محمد رضا بورابراهيمي داوراني رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى الاسلامي بأن السياسات الجديدة للحكومة ستضفي الاستقرار النسبي على سوق العملة.
وأكد أن القسم الاكبر من السياسات الجديدة للحكومة في مجال العملة الصعبة مقبول لدي مجلس الشورى الاسلامي، وسيفتح مسارا جديدا في اقتصاد البلاد.
واضاف أن الحكومة مكلفة بإدخال 45 مليار دولار من العملة الاجنبية الناجمة من الصادرات غير النفطية للبلاد و20 مليار دولار الفائض من بيع النفط للسوق الثانوية وان الطلب على العملة في البلاد يبلغ 30 مليار دولار.

انتصار تجاري
رأت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في افتتاحيتها أنه ينبغي على أوروبا الاعتراف بأن الاتفاق النووي الإيراني كان صفقة سيئة ومعيبة، وبدلاً من التمسك بها، يجب على أوروبا الانضمام إلى إدارة ترامب في الضغط على إيران للحصول على اتفاق أفضل يقوض فعلاً طموحات إيران النووية.
وتشير الافتتاحية إلى أن أوروبا تستعد لمواجهة عودة العقوبات النووية الأميركية ضد إيران خلال الشهر المقبل، ولا يبدو المشهد في بروكسل مبشراً؛ حيث اختارت أوروبا مقاومة الولايات المتحدة، بيد أنها على الأرجح سوف تخفق في ذلك.
وتسبب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال أيار الماضي بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني (الذي تم إبرامه عام 2015) وإعادة فرض العقوبات ضد الشركات الأجنبية التي تتعامل مع إيران بداية من 6 آب المقبل، في خيبة أمل كبيرة للأوروبيين؛ وبخاصة لأن الاتحاد الأوروبي وأطرافه الثلاثة في الاتفاق (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) يعد اتفاق أوباما التاريخي لتجميد البرنامج النووي الإيراني «ظاهريا» بمثابة «انتصار» دبلوماسي وتجاري.
وبالرغم من ذلك، فإن القادة الأوروبيين، بحسب «وول ستريت جورنال»، يدركون أيضاً وجود عيوب جسيمة في الاتفاق النووي للعام 2015، ومنها أن عمليات التفتيش غير كافية لضمان عدم تطوير طهران لتقنيات الأسلحة، وكذلك البنود المعروفة باسم «غروب الشمس» التي تتيح لإيران استئناف أنشطتها النووية في المستقبل (بعد مرور عشر سنوات على توقيع الاتفاق)، وغياب القيود على الصواريخ الباليستية لطهران القادرة على حمل الرؤوس النووية أو غيرها من الأسلحة، فضلاً عن السكوت على تدخل إيران العسكري في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وتنتقد الصحيفة الأميركية أن الاتحاد الأوروبي يحارب الآن بقوة للدفاع عن اتفاق ينطوي على العديد من العيوب؛ إذ قامت بروكسل بتحديث «قانون المنع» الذي يحظر، من الناحية النظرية، على الشركات الأوروبية الالتزام بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران. ومن الناحية العملية، سيكون هذا الأمر مصدر إزعاج بالنسبة إلى الشركات التي تقرر الالتزام بالعقوبات الأميركية؛ لأنها تخشى إنفاذ العقوبات الأميركية بشكل أكبر من بيروقراطية الاتحاد الأوروبي.

تهديد ستراتيجي
وربما يأمل مسؤولو الاتحاد الأوروبي في استخدام هذا القانون كوسيلة للتفاوض على الإعفاءات من واشنطن، كما فعلت أوروبا بنسخة سابقة من هذا القانون في التسعينيات، ولكن هذا الأمر يبدو غير محتمل بحسب «وول ستريت جورنال»؛ نظراً للتهديد الستراتيجي الذي تشكله إيران الآن والعداء «طويل الأمد» للاتفاق النووي من قبل الكونغرس والناخبين الأميركيين. وتدرك الشركات الأوروبية ذلك، وهي بالفعل تستعد للالتزام بالعقوبات الأميركية بغض النظر عما تنتهي إليه بروكسل.
وتعد الافتتاحية أن الأوروبيين يعولون على مناورات بعيدة المنال للتحايل على العقوبات الأميركية، ويتمثل أحد الخيارات في قيام البنوك المركزية الأوروبية بإعادة فتح قنوات لنظيرتها الإيرانية لتسهيل تمويل التجارة أو السماح لبنك الاستثمار الأوروبي بتمديد الائتمان لعملات غير الدولار بالنسبة للشركات الأوروبية المشاركة في مثل هذه التجارة.
وربما يقود ذلك إلى التغلب على رفض البنوك الأوروبية الخاصة لتعريض نفسها إلى غضب واشنطن، ولكن مثل هذا الأمر لن يكون عملياً إلا في الصفقات الكبرى المتعلقة بالنفط على الأرجح، حيث أن كل الشركات التجارية الأخرى سوف تدفع ثمناً باهظاً لنقل الأموال، وخاصة إذا التزمت واشنطن بخطتها لمنع سويفت (النظام العالمي الآمن لتحويل الأموال بين البنوك) من التعامل مع الأعمال التجارية للبنوك الإيرانية.

صفقة
وتلفت الصحيفة الأميركية أن أوروبا لا يمكنها إجبار واشنطن على تغيير مسارها، والأجدر بها الانضمام إلى إدارة ترامب في الضغط على إيران للحصول على صفقة أفضل، وقد حاول بالفعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إبقاء الباب مفتوحاً أمام هذا الخيار من خلال اقتراحه (أثناء زيارته إلى واشنطن في نيسان الماضي) بإمكانية تعاون الولايات المتحدة وأوروبا لسد ثغرات الاتفاق النووي مع إيران.
وتختتم «وول ستريت» افتتاحيتها بأن التقدم في سد ثغرات صفقة النووي سيكون أصعب مع إصرار أوروبا على التمسك بالاتفاق، وإذا كانت أوروبا تريد الحفاظ على الفرص التجارية التي وعد بها الاتفاق النووي، فإنه يتعين على قادة أوروبا الاعتراف بأن الصفقة كانت معيبة بصورة جسيمة، وتركيز جهودهم الدبلوماسية في ضمان الحصول على اتفاق أفضل يقوض فعلاً طموحات إيران النووية.

المفوضية الأوروبية: «نأسف بشدة»
وعبرت المفوضية الأوروبية و3 دول أخرى عن «أستفهام شديد» لقرار إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران.
وأصدرت فريدريكا موغيريني، الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بياناً موحداً كرروا فيه تأييدهم لخطة العمل الشاملة المشتركة، إذ أوضح البيان أن الخطة «تسعى إلى تنفيذ هدفها بضمان بقاء البرنامج الإيراني سلمياً بنحو حصري».
ولفتت القوى الأوروبية إلى أنها ستحمي شركاتها، التي تتعامل مع إيران من أي رد فعل عنيف قد تتلقاه من واشنطن.
وأعربت بريطانيا وفرنسا وألمانيا عن أسفها لإعادة الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية على إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي.
وقال البيان: «نأسف بشدة لإعادة فرض العقوبات من قبل الولايات المتحدة، بسبب انسحاب الأخيرة من خطة العمل المشتركة الشاملة».
وأضاف أن «خطة العمل المشتركة الشاملة تعمل على تحقيق هدفها، وهو ضمان بقاء البرنامج الإيرانى سلميا حصريا، كما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى 11 تقريرا متتاليا. إنه عنصر أساسي في بنية عدم الانتشار النووي العالمية، وهو أمر حاسم بالنسبة لأمن أوروبا، والمنطقة، والعالم بأسره. نتوقع أن تواصل إيران تنفيذ جميع التزاماتها النووية بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة.»
وأكدت حكومات هذه الدول فى بيانها أن رفع العقوبات «أمر ضروري فى إطار الاتفاق»، مشددة على عزمها حماية الشركات الأوروبية التى تواصل العمل مع طهران.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو استئناف العقوبات الاقتصادية ضد إيران بحزمة أولى تطال قطاعات مالية وتِجارية، يعقبها أخرى في تشرين الثاني تستهدف النفط.
وأشارت أيضاً إلى أن الفوائد الاقتصادية تمثل «جزءاً أساسياً» من الاتفاق، إذ يمثل بند رفع العقوبات النووية ستعود على التجارة والعلاقات الاقتصادية مع إيران، وشعبها بنحو خاص، بتأثير إيجابي.
وتابع البيان ليوضح أن روسيا والصين ما زالتا ملتزمتان بالحفاظ على الاتفاق النووي و»يتوقعان من إيران مواصلة التنفيذ الكامل لجميع التزاماتها النووية تحت خطة العمل الشاملة المشتركة».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة