سلام مكي
الدورات السابقة للبرلمان، شهدت تعديلا واحدا لقانون الانتخابات، وهو تعديل لا بد منه، لغرض تحديد موعد إجراء الانتخابات والآلية التي يتم بها عد وفرز أوراق الاقتراع، فضلا عن الجوانب الأخرى التي لا بد منها لإدارة العملية الانتخابية. الدورة الجديدة للبرلمان، شهدت وضعا مختلفا واستثنائيا فيما يتعلق بقانون الانتخابات، حيث أجري التعديل الأول، كالعادة، تم من خلاله تحديد موعد إجراء الانتخابات، وتعديل الشروط الواجب توفرها في المرشح. وقد شهد التعديل الأول للقانون، هو اشتراط الشهادة الجامعية بدلا من شهادة الإعدادية كي يحق للمرشح الدخول في المنافسة. وهذا ما خلّف جدلا قانونيا ودستوريا بين أوساط البرلمانيين، ولا سيما أن عددا من النواب البارزين، سوف لن يتمكنوا من الترشح للانتخابات مجددا، بسبب عدم امتلاكهم الشهادة الجامعية، وهو الأمر الذي دعا مجلس النواب الى التعديل الثاني لقانون الانتخابات، حيث نص ذلك التعديل على منح نسبة من خريجي الدراسة الإعدادية داخل القائمة الواحدة للترشح للانتخابات. وبعد اجراء الانتخابات، وتسجيل الكثير من الخروقات، ووصول الشكاوى الى الآلاف، وثبوت حالات تزوير منظمة، خصوصا في التصويت الخاص وفي الخارج والمشروط، وهو الأمر الذي دعا مجلس النواب الى اجراء تعديل ثالث على القانون. وان أبرز ما جاء في التعديل الثالث هو تعديل المادة38 التي اوجبت اجراء العد والفرز الالكتروني. حيث ان التعديل الزم المفوضية بإعادة اجراء العد والفرز اليدوي، وبحضور وكلاء الكيانات السياسية. وهذا التعديل جاء بعد ان ثبت إمكانية اختراق أجهزة العد والفرز الالكترونية إضافة الى ثبوت حالات تلاعب بها. التعديل الآخر هو إيقاف أعضاء مجلس المفوضين الحالي عن العمل وانتداب قضاة بدلا عنهم، يمارسون كافة الأعمال الموكلة الى مجلس المفوضين، الذين تم ايقافهم عن العمل لحين البت بجرائم التزوير التي أشار اليها قرار مجلس الوزراء الذي تم على ضوئه تشريع هذا القانون. المادة 6 من قانون التعديل الثالث، اشارت الى عدم العمل بأي قانون يتعارض مع احكام هذا القانون أينما وجد. ونلاحظ ان هذا التعديل لم يشمل قانون الانتخابات فقط، وانما امتد الى قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وخصوصا نص المادة 3 ثانيا التي نصت: يتألف مجلس المفوضين من تسعة اعضاء اثنان منهم في الأقل من القانونيين يختارهم مجلس النواب بالأغلبية بعد ترشيحهم من (لجنة من مجلس النواب) على ان يكونوا من ذوي التخصص والخبرة والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية مع مراعاة تمثيل النساء.
فهنا لم يعد مجلس المفوضين الذي سيتولى المهام الموكلة اليه وفقا للمادة 4 من قانون المفوضية رقم 11 لسنة 2007 وانما سيكون هنالك مجلس مفوضين آخر مشكل من قضاة تم انتدابهم من قبل مجلس القضاء الأعلى، إضافة الى انتداب قضاة للإشراف على فروع المفوضية في المحافظات بدلا عن المدراء الحاليين. والمشرع هنا، لم يعدل النص الوارد أعلاه أي نص المادة 3 من قانون المفوضية بشكل صريح، وانما أشار الى عدم العمل بأي نص يتعارض مع التعديل الثالث وهو ما يعني ان هذا النص ملغى تلقائيا دون النص على الغائه بشكل صريح. مجلس القضاء الأعلى من جانبه، أصدر بيانا دعا فيه أعضائه الى الاجتماع لغرض تسمية القضاة الذين سيحلون محل مجلس المفوضين، كما كشف البيان عن تعديل اخر في قانون المفوضية وهو إيقاف عمل الهيأة القضائية للانتخابات المحدد اختصاصا بنص المادة 8 من قانون المفوضية والتي تتولى النظر تمييزا بالطعون المقدمة الى مجلس المفوضين. حيث ان الآلية القانونية وكما هو معروف للجميع، تكون عن طريق تقديم شكوى امام مجلس المفوضين وفي حال عدم القناعة بقرار المجلس، يصار الى الطعن امام الهيأة القضائية المشكلة في مجلس القضاء الأعلى، ولكون ان التعديل الثالث، تجاوز تلك الآلية ولجأ الى العد والفرز اليدوي، فهذا يعني ان مجلس المفوضين الجديد وكذلك الهياة القضائية يتوقف عملهم، لحين اجراء العد والفرز اليدوي، ويصار بعدها الى العودة الى تلك الآلية بعد اعلان النتائج.