يندرُ أنْ يخاطبَ شاعرٌ ما موته، يكتبُ عنه ويتحدّاه ويرسمُ له حدوداً ويمنحُه صفات، ها هو حسين عبد اللطيف قبلَ أنْ يرحلَ عن عالمنا أمس الأوّل الخميس، دوّن شيئاً عن اللحظات التي تنتهي فيها رحلته مع الحياة، يومَ كتب قصيدة «موت»: «ما أسهل السهول/ وأعقد الجبال/ وأصعب العزلة/ دون باب/ قوارب المساء/ تجيء بالذهب/ وترفع الديوك/ أعرافها.. قبعة/ لطلعة الصباح/ وهذه المرآة/ لا ترى/ ـ في عقدة العنق ـ/ سوى/ تفاحة مهشمة/ وجثة مكومة».
***
ليس أسهلُ من كتابةِ الرثاء وإطلاقِ التعازي بحقّ من نخسرُهم من مبدعي العراق، لكنّ الأصعبَ في حدثِ رحيل اسم من الأسماء هو كيف نحافظُ على ما تبقى من مخطوطاته وما يملكه من وثائق، فقيمتها والحفاظ عليها ومن ثمّ جعلها ملكاً للقرّاء، لهو أكثرُ أثراً ومنفعة من مئات المراثي التي تتناقلها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وهنا يتبادرُ إلى الذهن مصيرُ ما تركه حسين عبد اللطيف، من قصائدَ لم تنشر بعد أو مراسلات له مع شعراء ومؤسّسات، هي جزء من تاريخه الشخصي، فمن سيتولّى أمرَها وكيف ستجدُ طريقَها إلى النشر وأيدي القرّاء.
***
بعد مسيرةٍ احتضنَ فيها الراحلُ الكثيرَ من الأصوات الشابة وشجّع غيرها على تقديم أنفسها، سواء من خلال دوره السابق في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيّين، أم من خلال حضوره الثقافيّ بوصفه أميراً من أمراء العزلة والقصيدة، وهو يطلُّ على محبّيه وأصدقائه في مهرجانات وملتقيات مدينته كلّ عام، ليس كثيراً عليه أنْ يطلقَ اسمه على أحدِ شوارع البصرة وأن تتوّج ذكراه الطيبة بتمثال يضعه زملاؤه من أدباء البصرة في باحة اتحادهم العتيد.
تتويجاً لذكرى الأمير البصري
التعليقات مغلقة