نوح بلا طوفان

علي نوير

ماذا يمكن أن يحدثَ بين اثنين ؟

في هذي الصحراء الممتدةِ ما بين المائين 

ماذا يمكن أن يحدثَ ؟ 

لو أن الأول يحمل كأساً مترعةً 

والثاني أعزلَ إلاّ من حجرٍ 

يتلاصفُ بين الكفين

ماذا يحدثُ ؟! 

يا الله 

خذ نعماءكَ، وارحمنا 

وابحث عن أرضٍ أخرى تحميها 

خذ ما شئتَ 

حقولاً، نفطاً، ذهباً، تحفاً، آثاراً 

و أكمل ألطافَكَ 

خذْ هذين النهرينِ 

فهما ما عادا نهرين 

وأبونا نوحٌ لا يعرف غيرهما 

.. من أين سيأتي الطوفان 

خذ ما شئتْ 

اترك للناس الليلَ وهذي الصحراء 

تأويهم من نكدٍ 

أو يحيون عليها رقصتَهم 

اترك للناس الرمل يواري قتلاهم 

هذي الأسباخْ 

لا ترحم أحداً 

والأرضُ بلا رملٍ ما عادت أرضاً 

يا الله 

الًرملُ حضارتنا

منه انبعثَتْ أولُ منقبة ٍ 

للذبح .. وباسمكَ يا الله 

باركْ هذي الأمة َ 

أضحى قتلاها عددَ الرملِ 

وما من أحد لم يذكر اسمكَ 

حين التمعَ النصلُ 

يحزّ الرأس َ 

فيشخبُ ما بين الكتفين

يا الله 

قتلانا في الجنة أم في النار؟ 

الأعداء – الأخوةُ 

والأعداءُ – الأعداء 

تباروا واختلفوا في كل زقاقٍ 

واتفقوا – جمعاً – في زرع شوارعنا 

حسَكاً 

يقطرُ موتاً 

بارَكَه السادةُ والأشياخُ 

لتنشره أبعدَ .. أبعدَ 

هذي الذؤبانُ .. وتلك الذؤبان 

ختموا بالشمع الأحمرِ 

أحلاماً ودناناً وأغانيَ 

كنّا خبّأناها

تحت وسائد ذاك الليل وهذا الليل 

حتى اختمرَتْ، 

وانبعثَتْ منها ريحُ شواءٍ 

ذاب الشمع الأحمرُ 

وانسابتْ كلُّ عفاريت الأرضِ 

اصطبغتْ جدران مدينتنا 

بالأسودِ، والأسودِ، والأسودْ

يا الله 

كم قرناً يكفي كي تشرق ثانيةً 

شمسُ الأوطان؟

كم قرناً يكفي كي نغسلَ أرواحاً 

يعلوها الصدأ الآن؟

يا الله 

ثمةَ خاتمةٌ أبلغُ من هذي 

لو أنك أبقيتَ الآن لنا قِطَعاً من ذاك الليل

سنةً أخرى … أو سنتين 

لاتسعت ْ كلّ مقابر هذي الأرضِ 

مسورةً بالأسماء الحسنى 

ولَهاجرَ من كان عليها 

حتى الأشجارُ ودودُ الأرضِ 

ولن يبقى فوق التلّ سوى ( الليثين ).

لا بأس الآن 

ثمةَ أشباهٌ ،

وليوثٌ يختالون كما الريح الصفراء.

ولكل فصيل ذئابٍ ليثٌ ,

يحكم باسم اللهِ، 

ويسرق باسم الله ِ،

وينكح باسم اللهِ،

ويذبح باسم الله،

.. ويعود يبسّملُ –

كي يفتح مدرسةً أو مأوىً للأيتامِ –

ومسجدَ .. يُذكرُ فيه اسم الله 

يا الله 

المحنةُ أكبرُ من بلدٍ 

يا الله 

ماذا نصنعُ بالأموات 

موتى الحرب وموتى الدهسْ 

موتى الروح وموتى الحسْ 

ماذا نصنع بالأموات 

امنحْنا صحراءً أكبر 

من أجل جموع الآتين 

امنحنا وقتاً آخر 

نحصي قتلانا

بين الحين وبين الحين 

امنحنا رفشاً ورمالاً 

كي ندفنَ موتانا الباقين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة