أمير الحلو*
في جميع دول العالم المتحضر البعيدة عن الإنقلابات والطائفية والعرقية نجد أن الإنتخابات من الرئاسية الى البرلمانية تشهد حال إنتهائها وظهور النتائج قيام الخاسر سواء كان رئيساً أو نائباً بالاتصال بمنافسه في الإنتخابات وتهنئته على النتيجة وإستعداده لممارسة دوره في المعارضة وفق النهج الديمقراطي، ونجد الأمر مقلوباً في الدول التي تلجأ فيها الحكومة والمعارضة الى إعتبار وجودها هو الشرعي في كل زمان ومكان وتطعن في الكثير من الأحيان بنتائج الإنتخابات قبل بدء عمليات التصويت بذرائع مختلفة خصوصاً إذا توقعت الخسارة فبدلاً من العمل على التعاون لإرساء المفاهيم الديمقراطية والقبول بالنتائج التي صوت الشعب لها، نجد أن عملية التشكيك والطعن تبدأ من (الألف الى ألياء) وتعتمد على التشهير والطعن بكل ما يقع بين يديها أو عينيها، وهذا ما نجده في أكثر بلدان العالم الثالث ومجيء حكومات بأساليب غير ديمقراطية وخروج الصراعات عن دائرة الموضوعية والقبول بالرأي الآخر، وذلك ما يسبب في إستمرار الصراعات والأزمات والتي يدفع الشعب ثمنها من أمنه ومعيشته !
ولا تقتصر حالة الصراع الإنتخابي الديمقراطي على الدول الأوروبية وأميركا ولكن أن تجربة الهند هي خير مثال على قدرة الشعوب بالممارسة الديمقراطية مهما كانت شرائح كبيرة من المجتمع تشكو من الفقر والبطالة، فلم نسمع يوماً أن مرشحاً هندياً طعن بنتائج الإنتخابات برغم وجود بيئة فقيرة تساعد على كسب الأصوات بشتى الوسائل .. وعلى طريقة عدم التجديد لرئيس الوزراء البريطاني تشرشل برغم إنتصاره في الحرب العالمية الثانية وإعتباره بطل الحرب فقد أراد الشعب البريطاني إنتخاب رجل بناء وتنمية من حزب العمال المنافس لحزب المحافظين .. وهذا ما كان، وكذا الأمر مع الجنرال ديغول بطل المقاومة الفرنسية للإحتلال النازي إذ أخفق في الولاية الثانية للسبب نفسه، ولم نسمع أن أحد هذين الزعيمين إعترض على النتيجة أو أن حزبيهما قد خرجا عن دائرة المنافسات الديمقراطية وخرج من العمل السياسي لأن المعارضة هي التي تدفع الحكام الى إنتهاج السياسة السليمة، وهذا ما نجده في أميركا وبريطانيا وفرنسا والدول الإسكندنافية مثلاً.
ما أريد قوله هو أن الحكومة والمعارضة يجب أن تؤمنا بـ(أصول اللعبة) وغالباً ما نجد ان المعارضة تكسب في المستقبل ويتم التداول السلمي للسلطة بسلاسة، وهذا عكس ما نجده في أكثر بلدان العالم الثالث أو سلطة الحزب الواحد وقد يلجأ البعض الى الإنقلابات العسكرية لتغيير نتائج الإنتخابات، وهذا ما حدث في تشيلي بعد فوز (اللندي) في الإنتخابات الرئاسية فقد قام الجنرال (بينوشت) بالإستيلاء على السلطة وقتل خصومه وعلى رأسهم الرئيس المنتخب وبتأييد من دول ديمقراطية معروفة.
أننا جميعاً نتمنى لبلادنا أن تؤمن وتنعم بالديمقراطية فهي الوسيلة الوحيدة للإستقرار والبناء.