كما العصفور الذي شاهد جريمة الحطاب، ففضل الهرب..
كما النهر الذي صمت عن قول الحقيقة رغم حجمه الكبير
كما النعش وقصة اختفاء الجثث من الذاكرة القريبة
كما السيوف العاجزة عن النصر فتظل عالقة ذليلة في نياشين الجنرالات ..
كما الموسيقى وكوب القهوة وكتاب ألف ليلة وليلة في ليلة ماطرة
كما أمي التي تنام بمعدة فارغة وهموم الصباح وصداع أسفل الرأس
كما الحرب،
كما الجندي المنوم بحمى الجلالات وصوت أرتطام البساطيل بالأرض
كما المسرح الفارغ، في مسرحية لم تقدم في وقتها فغادر الجميع وتركوا التذاكر ممزقة.
أو ربما مذنباً قليلاً يا الله!
فقد سرقت زيتونتين من شجرة الجار
وتسللت خفية ذات ليلة وشاهدت القمر دون أن أخبر أمي
وأرسلت رسالة أعجاب مليئة بالكلمات المشطوبة لابنة جارتي
لقد تغيبت عن المدرسة عدة مرات
وادعيت المرض
ليشتري لي أبي دراجة هوائية
لست حزينا يا الله
إلا على الرصيف
الذي كلما غسل ناصيته للعيد
مر الجنود ببساطيل المتسخة
من دون أن يتركوا اعتذارا..
لست حزينا يا الله!
إلا على صديقي الشاعر
الذي أصابه الجنون
فصار يتكئ على الشجرة
ويهذي بقصائد لشُعراء أجهلهم.
لست حزينا يا الله!
إلا بمقدار حزن أمي
على الجرح الذي في قلبي
رحيل أبي..
أخي جندي الحب الذي خسر قلبه
شجرتنا التي لم تعد تلد سوى الشوك
المستقبل المليء بالأسئلة والظنون!
يا الله!
هل سيزول الألم عن رأس أمي؟
يا الله!
هل سيُعاقب الشعراء
على بكائهم