-1- تمهيد ابو اسحق الصابي شاعر عراقي كبير ، ارتبط بعلاقة وثيقة،وصداقة عميقة بالشريف الرضي، القامة الشامخة في دنيا العلم والأدب والمروءات، وقد حدّثنا التاريخ أنَّ (الصابي) كان يصوم مع المسلمين في شهر رمضان متأثراً بالصلة الموّارةبالمودة والأجلال لشخصية الشريف الرضي . -2- واذا دَلّ هذا على شيء فانما يدل على أنّ العراق منذ تاريخه البعيد غنيٌّ بألوان زاهرة من التلاحم والتواصل بين أبنائه على اختلاف أديانهم ومذاهبهم ومشاربهم . وهذه الوحدة الوطنية – وهي أسُ النجاح الاجتماعي – لابُدَّ أنْ تستمر دون انقطاع . وهكذا يُمْنَى العاملون لاشاعة الفُرقة واثارة النزعات الطائفية والعنصرية بالفشل والبوار . -3 – والآن نعود الى ” الصابي ” وقد خاطب مَنْ كان يصوم ولكنه لا يتورع عن اجتراح المظالم ببيتيْنِ جميلين قال فيهما : يا ذا الذي صامَ عَنِ الطعمِ ليْتَكَ قد صُمتَ عن الظُلمِ هل ينفعُ الصومُ امرءً ظالِمَاً أحشاؤه ملآى مِنَ الإثْمِ ؟ ما قيمة الصيام عن الطعام والولوغ في مستنقعات الظلم ؟ انّ الصيام احدى الوسائل المهمة لتهذيب النفس وترويضها على التزام “التقوى” ، وبالتالي فانّ ممارسة الظلم مِنْمُدّعِي الصيام انما تشي بجهله أولاً وَبِبْعْدِهِ عن الصراط السوي ثانياً . -4- وكأنّي بأبي اسحاق الصابي ينظر الى ما نعانيه اليوم من أدعياء التدين، ولابسي عباءاته، من أهل الزيف والدجل والخداع ، والذين مازالوا يصطادون بعض السذج والبسطاء بما يتظاهرون به من اداء العبادات وممارسة الشعائر وما هم ممن يحافظ على جوهرها وروحها … -5- انّ الصوم ليس عن الطعام فقط، وانما هو صَوْمٌ عن الحرام بكل صوره وأشكاله ، وبليدٌ وغارق الى الذقن بالأوهام مَنْ يرى براءة ذمته باصطناع المظاهر وتضييع الحقائق .
حسين الصدر