يانا – صوفي برونتين:
من أسامة بن لادن وحتى أنيس العامري: غالبًا ما يعرف العالم الغربي الإرهابيين المسلمين بأسمائهم. أمَّا نشطاء السلام المسلمون فكثيرًا ما يكونون في المقابل غير مألوفين حتى بالنسبة للمسلمين في ألمانيا. وهذا يخلق صُوَراً عدائية – على كلا الجانبين.
كان يكافح من أجل استقلال الهند، ويدعو إلى اللاعنف وقد قضى عدة سنوات في السجن بسبب عمله من أجل السلام: نحن لا نتحدَّث هنا حول المهاتما غاندي المشهور على مستوى العالم، بل حول رفيقه المسلم خان عبد الغفار خان. عمل خان عبد الغفار خان مثل غاندي مع عشرات الآلاف من أنصاره بلا جدوى ضدَّ تقسيم الهند. ولكن على الرغم من كل ذلك فإنَّ خان عبد الغفار غير معروف إلى حدّ كبير في العالم الغربي – مثل العديد من نشطاء السلام المسلمين الآخرين.
«حتى المسلمون كثيراً ما لا يعرفون أي شيء حول حركات السلام الإسلامية الكثيرة»، مثلما يقول مهند خورشيد، وهو باحث في العلوم الإسلامية في جامعة مونستر الألمانية. ويضيف أنَّ الكثيرين من المسلمين ليسوا بشكل مباشر جزءًا من خطاب السلام الإسلامي وهم بالتالي غير مطَّلعين بشكل جيِّد – حتى لو كانوا هم أنفسهم أشخاصًا من محبي السلام. ولكن الأهم بالنسبة لمجتمع الأغلبية هو ما يمكن رؤيته أو سماعه في الحياة اليومية، بحسب تعبير مهند خورشيد.
صورة قاتمة للإسلام في أخبار الحياة اليومية تكرس الأحكام المسبقة
يقول مهند خورشيد: «عندما يقوم علماء الفقه المسلمون بجمع التوقيعات ضدَّ ’داعش‘، فهذا أمر مجرَّد. بينما يلاحظ الناس التفاوتات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين في الحياة اليومية أو في وسائل الإعلام».
ومثلما يظهر من دراسة مؤسسة برتلسمان حول الدين والتديُّن في عام 2015، فإنَّ أكثر من نصف المواطنين الألمان ينظرون إلى الإسلام على أنَّه تهديد. وثلثهم تقريبًا يعتقدون أنَّ الإسلام لا يتوافق مع العالم الغربي. وبالإضافة إلى ذلك كثيرًا ما يُنسب إلى المسلمين مستوًى عالٍ من الاستعداد لاستخدام العنف، مثلما تبيِّن نتائج الدراسة النموذجية «ألمانيا ما بعد الهجرة» من معهد الأبحاث التجريبية للاندماج والهجرة في برلين: فقد كان ربع الأشخاص الألمان المستطلعة آراؤهم في عام 2014 يعتقدون أنَّ المسلمين أكثر عدوانية منهم شخصيًا.
«الناس يريدون أن يكونوا منفتحين ومنصفين نحو الأديان، ولكنهم كثيرًا ما لا يكونون كذلك»، مثلما يقول ديتليف بولاك، وهو باحث مختص في علم اجتماع الأديان بجامعة مونستر. ويضيف ليس هناك دينٌ يثير هذا القدر الكبير من الأفكار السلبية مثل الإسلام – الذي يربطه مجتمع الأغلبية بخصائص مثل التعصُّب أو العنف أو قمع المرأة. الإسلام – بحسب ديتليف بولاك – يتم تقييمه بشكل أكثر سلبية من جميع الأديان الأخرى.
يقول الباحث في العلوم الإسلامية مهند خورشيد إنَّ المخاوف من الإسلام منتشرة على نطاق واسع خاصة في المناطق التي لا يوجد فيها سوى عدد قليل من المسلمين. ويضيف أنَّ الذين لا يوجد لديهم أي اتِّصال أو يوجد لديهم اتِّصال قليل مع المسلمين يتأثَّرون على نحو خاص بصورة الإسلام القاتمة التي يتم نشرها في مجالات من بينها وسائل الإعلام.
يستطيع تأكيد ذلك الباحث المختص في علم الاجتماع ديتليف بولاك. وحول ذلك يقول: «تساعد الاتِّصالات المباشرة في التقليل من الأحكام المسبقة». وكذلك يمكن – بحسب قوله – أن يساعد التعليم والتنوير – خاصة عندما يبدأ في سنّ مبكِّرة: «الكثير من المواقف تتكوَّن في سنّ المراهقة».
حين يتبنى مسلمون ما يقوله المجتمع الغربي عنهم
يأمل عالم الإلاهيات مهند خورشيد في الحديث أكثر داخل المدارس حول الإنجازات العلمية الإسلامية. ويقول: «يجب أن يكون راسخًا في وعي الناس أنَّ المسلمين ساهموا مساهمة مهمة في حضارة أوروبا». ويضيف أنَّه من المهم احترام هذه المساهمة وتقديرها: «عندما يكون على سبيل المثال الشابُ المسلم في ألمانيا واعيًا بتاريخه ولا يسمع فقط مدى سوء ديانته، فعندئذ يبني ثقة سليمة بنفسه».
ويمكن أيضًا على هذا النحو تجنُّب تشكيل صور عدائية، بحسب رأي مهند خورشيد: «لقد باتت أوصاف الغرباء من جانب المجتمع [الغربي] أوصافًا ذاتية يعتقدها مسلمون عن أنفسهم»، مثلما يقول. لذلك فقد باتوا يُعرِّفون أنفسهم في الأماكن العامة كثيرًا من خلال دينهم وأصلهم، على الرغم من أنَّهم لا يهتمون كثيرًا بالإسلام في حياتهم الخاصة.
يفسِّر الباحث الاجتماعي ديتليف بولاك تأكيد الذات هذا بأنَّه محاولة من أجل تعويض الشعور بعدم الاعتراف والتقدير [من قِبَل المجتمع]. إذ إنَّ مَنْ يشعر بأنَّه مواطن من الدرجة الثانية، يميل إلى الرفع من قيمته الخاصة والتقليل من قيمة الآخرين أخلاقيًا وثقافيًا أو دينيًا. «وعندئذ يوصَف الغرب على سبيل المثال بالانحطاط أو الانحلال الأخلاقي».
وبذلك تنشأ في أسوأ الحالات دائرة من الشكّ المتبادل، مثلما يقول ديتليف بولاك: الأحكام المسبقة يتم تأكيدها تَخَيُّلِيًا، مما يؤدِّي إلى نبذ [مجتمعي] متجدد وإلى المزيد من تأكيد الذات. «في النهاية يُنتظر عندئذ دائمًا من الطرف المقابل أن يُغيِّر موقفه الخاص ويتوجَّه نحو الآخر». ولذلك فإنَّ ديتليف بولاك يدعو إلى المزيد من النقد الذاتي – على كلا الطرفين. ويقول: إنَّ «عملية الاندماج هي عملية ثنائية».
عن موقع قنطرة