معركة بأدوات اقتصادية
الصباح الجديد-متابعة:
قانونُ قيصر لحماية المدنيين في سوريا، اسمٌ للعديد من مشاريع القوانين المقترحة من الحزبين في الكونغرس الأميركي موجّهة ضد الحكومة السورية. ويستهدفُ مشروع القانون أيضًا الأفراد والشركات الذين يقدمون التمويل أو المساعدة لرئيسِ سوريا، كما يستهدفُ عددًا من الصناعات السورية بما في ذلك المُتعلِّقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة، عدا عن استهدافهِ للكثير من الكيانات الإيرانية والروسية التي قدمت الدعم لحكومة الأسد خلال الحرب الأهلية السورية.
وبدأت تداعيات قرب تطبيق قانون “حماية المدنيين في سوريا” الذي اعتمدته الإدارة الأميركية تظهر جلية، ما تسبب بأزمة اقتصادية وإنسانية خانقة داخل سوريا وموجة خوف وقلق لدى قطاع واسع من رجال الأعمال والتجار اللبنانيين وغيرهم ممن يتعاملون مع سوريا.
ويدخل القانون الذي يعرف اختصاراً باسم “قانون قيصر” حيز التنفيذ يوم غد 17 يونيو/حزيران الحالي بهدف حرمان الرئيس السوري بشار الأسد من أي فرصة لتحويل النصر العسكري الذي حققه على الأرض إلى رأسمال سياسي لتكريس وتعزيز فرص بقائه في السطلة الى أجل غير مسمى.
كذلك يهدف القانون إلى زيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي يعاني منها الأسد ومحاصرة ومعاقبة حلفائه بغية إجباره على القبول بالحل السياسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254.
وأصدر أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الذين رعوا هذا التشريع بيانا قبل دخول القانون حيز التنفيذ شددوا على التطبيق الحازم للقانون من قبل الإدارة الأميركية.
وجاء في بيان النواب الأربعة، الديمقراطيان انغل ومينينديز والجمهوريان ماكول وريش: “لقد عانى الشعب السوري كثيراً ولوقت طويل تحت حكم الأسد ومؤيديه. يجب على الإدارة المشاركة في الإنفاذ القوي والمستمر لقانون قيصر من أجل إرسال رسالة إلى النظام وعناصره مفادها أن الأسد لا يزال منبوذاً ولن يستعيد مكانته كزعيم شرعي. على النظام ومن يرعاه أن يوقفوا ذبح الأبرياء وأن يوفروا للشعب السوري طريقاً نحو المصالحة والاستقرار والحرية. نحث بشدة جميع أعضاء المجتمع الدولي على عدم التعاون تجارياً أو دبلوماسياً مع نظام الأسد القاتل”.
وتشمل العقوبات كل الجهات الدولية والإقليمية التي تتعاون مع الأسد ما يحرمه من فرصة تجاوز هذه العقوبات عبر الالتفاف عليها وستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي، وكذلك أي تعامل مع إيران وأي من الأطراف والجهات الإقليمية والدولية في حال فكرت في الاستثمار أو العمل في سوريا.
وتستهدف العقوبات الكيانات التي تعمل لصالح الأسد في أربعة قطاعات: النفط والغاز الطبيعي، والطائرات، والبناء، والهندسة ويشمل ذلك الدعم المباشر وغير المباشر للنظام، مثل دعم الميليشيات المدعومة من إيران وروسيا العاملة في سوريا.
إضافة لذلك ينص القانون على مطالبة الإدارة الأميركية بتحديد ما إذا كان “المصرف المركزي السوري” كيان من النوع الذي يشكل “مصدر قلق رئيس بشأن غسيل الأموال”.
وقال المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري قبل أيام قليلة إن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على “تعويم” النظام السوري، مضيفا أن الإجراءات والعقوبات الأميركية ساهمت في “تدهور” قيمة العملة السورية مقابل الدولار الأميركي.
وكشف جيفري أن واشنطن قدمت للأسد عبر طرف ثالث “عرضاً بطريقة للخروج من هذه الأزمة. إذا كان مهتماً بشعبه سيقبل العرض” لافتاً إلى أن واشنطن “تريد رؤية عملية سياسية، من الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، لكن تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى للمنظمات الإرهابية، وعدم توفيره قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة”.
وأكد أن العقوبات ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي، وكذلك أي تعامل مع “النظام الإيراني”.
وقال نائب جيفري الدبلوماسي جويل ريبورن، إن القانون “يطال الأفراد والشركات ويعطينا القدرة على تناول قطاعات كاملة منصوص عنه بالقانون” وأن لا حل أمام الأسد سوى قرار مجلس الأمن 2254.
وتدهور سعر الليرة السورية خلال أيام بشكل غير مسبوق إذ فقدت حوالي 70 في المئة من قيمتها منذ شهر أبريل/ نيسان الفائت. وكان سعرها أواسط الشهر الماضي نحو 1600 ليرة سورية مقابل الدولار وتراجعت لتستقر عند حدود 3000 ليرة. وأدى هذا إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الأساسية مثل الأرز والسكر والزيت فيما الطوابير أمام المخابز طويلة وغابت العديد من السلع عن السوق.
ويعيش أكثر من 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر. وأنتجت الحرب المستمرة منذ 2011 طبقة جديدة من تجار الحروب الذين راكموا ثروات طائلة وباتت هذه الفئة الصغيرة تتحكم بمعظم ما تبقى من نشاط اقتصادي في البلاد.
وتعرضت البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية لدمار واسع بينما توقف حتى ما تبقى من مصانع ومنشآت صناعية وانتاجية خاصة بسبب نقص المواد الأولية التي كان يتم استيرادها بالدولار من الخارج عبر المصارف اللبنانية.