بغداد ـ الصباح الجديد:
لعل السمة التي لا تريد مفارقة المثقف هي الاغتراب، أو النفي الطوعي، النفي داخل الوطن، أو داخل الجسد. المثقف، بما يحمله من أفكار وتصورات عن الحياة، والتي تتقاطع بالضرورة مع الفكر السائد والوعي الجمعي، يعاني في الغالب من اغتراب فكري وروحي وسط مجتمعه، فلا تكاد تطرح قضية أو رأي، إلا وكان المثقف معارضا لها، رافضا للحلول الجاهزة التي لا تنسجم مع أفكاره وتطلعاته التي تسعى لخلق عالم متفرد، عالم يبتعد عن الواقع بتناقضاته وإشكالياته، عالم يسعى لتأسيس واقع جديد.. الصباح الجديد، سعت طرحت سؤال المنفى داخل الوطن، على مثقفين، في محاولة لكشف رؤاهم وتصوراتهم عن هذا المعنى.
صفاء سالم إسكندر/ شاعر
هنالك حقيقة تظهر في أن يكون لك وطن؛ وطن أحمل عنه فكرة الرحم الذي ما زال يهتم لي.
لا بد ولهذا من دلالات، اللغة أول هذه العلامات، على انك في منفى، هذا الغياب السريع للتواصل مرة وأحدة
والذي يحتاج إلى زمن، حتى تستطيع أن تتأقلم مع هذه الولادة الجديدة.
فيما لو كنت بعيدًا عن منفاك تمامًا، لكنك فيه كمعنى، لكَ ما للجميع، الغربة في ذلك، أن لا يجيدوا فهمك، هنا لغة الوعي، أن لم تكن مشتركة، لا بدائل للتواصل في «منفاك الأم» هكذا أحب أن اسميه.
هذا المنفى، قد تبدل اليوم، بفعل التحول الجديد في تأريخ الوطن، ثمة جيل، وأن كان مختلف الوعي، والثقافة، بشكل غير متقارب، لكنه سعى لشيء واحد، هو نزع الوحش الذي فينا، نزع ذلك الشعور بأن لا حاجة لهذا الوطن، الذي لا يجيد أحدًا فيه حكمنا، كما جعلونا نشعر بذلك، بأننا أناس لا نجيد لغة القانون، ونتواصل كبقية العالم، كان هذا أعظم شعور سيء يعشيه كل عراقي، أن يتحمل هذه التهم الجهازة، الموروثة من أب الأب.
بعد هذا ثمة فرق شاسع، بين منفى الوطن اليوم، ومنفى الوطن في الأمس، هنالك حقيقة تظهر في أن يكون لك وطن؛ وطن أحمل عنه فكرة الرحم الذي ما زال يهتم لي.
الأزدواجية التي تحدث عنها «الوردي» وصرنا نؤمن بأنها جزء لا يتجزأ من شخصياتنا كعراقيين، هي فكرة موروثة، طبعت فينا، بفعل التربية، والعقد التي عاشها آباءنا، هم لا ذنب لهم في ذلك، سوى الخوف؛ الخوف الذي جعلنا نجرع مصيرًا مرًا، لا يريده شباب اليوم، الذين يريدون أن يكونوا «أحادي الشخصية» لا يعيشون بعقد، وخوف، ونفاق، عندما يأمنوا على حياتهم، حتى سيعيشون ذلك، وحتمًا لن يكون الوطن منفى.
زهير الجبوري/ ناقد
المثقف الآن يشعر بشراكة ميدانية ازاء ما يحدث من حراك ثوري مع الانسان الآخر
لا يمكن لأي مثقف ان يتعامل خارج وعيه في ابداء الرأي ، بخاصة اذا كان هذا الرأي فيه مصيره ومصيره هويته ، ولو اخذنا بنظر الاعتبار جميع التفاصيل التي جعلت بلدا له عمقه الحضاري والثقافي يمرّ بأزمات متتالية ، فان علامات التشخيص بالدرجة الاساس لا يمسكها الا من له عقل تحليلي ، واعني هنا المثقف العضوي ، اما ما يخص احداث المرحلة الراهنة ، فهي استثنائية بكل تفاصيلها ، هي ثورة تاريخية ، ثورة وعي وطني ، وعي حسي ازاء الحياة ، لذا شعر الانسان المثقف ان ثمّة عوامل خلقتها ظروف معينة في نهوض الانسان العراقي وسط ركام هائل من الاخطاء الحكومية ، وان كان اغلب الذين احتجوا من فئة الشباب ، فزمن العولمة هو زمن اختصار الوعي والنهوض بالرأي بعيدا عن الإعداد الإيديولوجي المهيمن على طبقات المجتمع في العقود الماضية وهيمنة الحزب الواحد ، وما الى ذلك ..
المثقف الآن يشعر بشراكة ميدانية ازاء ما يحدث من حراك ثوري مع الانسان الآخر ، الكادح ، والمنتمي الى المؤسسة ، وحتى الاكاديمي ، في سحب الثقل من رأسه الى حد ما وشعوره انه يستطيع تشخيص الاشياء بالوقوف مع بعض الطبقات الاجتماعية وفهم ما يريد ، وان كانت القضية لها بعد كبير في تحديد هوية الثورة الآن ، بمعنى لها اجندات عالمية في انهاء ما يسمى بالإسلام السياسي في العراق.
خضير الزيدي/ ناقد تشكيلي
الوطن بحد ذاته يشكل وجودا للمثقف ولجميع من ينتمي اليه
لا اتصور بان الوطن منفى ليس لان المنفى يحمل كلمة خارج حدود التوصيف للمكان الروحي في انتماء المثقف لارضه بل لان الوطن بحد ذاته يشكل وجودا للمثقف ولجميع من ينتمي اليه .. الم يقل ادونيس ذات يوم الوطن نعم شرط ان ينتمي اليّ ما يحدث اليوم كان ذات قساوة حدثا ماساويا في زمن مضى لم نعشه مع هذا نقرأ في كتب التاريخ ان الغالب لم يهاجروا ولم يستبعدوا آثروا البقاء في اوطانهم كجزء من مجابهة سلطات الظلم وما يحسب للثقف ان يكون له دور في تفعيل روحية الثورة ومجابهة الظلم ..من يصدق ان ما يحدث من ثورة في العراق جاءت نتاج لخطاب الشباب المثقفين علينا الاعتراف ثمة جيل يحمل طاقة خلاقة فقد بدأت من شعراء وكتاب ومثقفين وسرعان ما تحولت لثورة اسس لها شباب يمكن ان يتجاوزا وصف المثقف العادي الى المثقف العضوي والفاعل.