حذروا من تصريحات تهدف للهيمنة على القضاء
بغداد – الصباح الجديد:
نفى خبراء، أمس الاثنين، تدخل المحكمة الاتحادية العليا في العمل التشريعي، لافتين إلى أن قراراتها عزّزت من الاختصاص الرقابي لمجلس النواب، مبينين أن دور المحكمة هو النظر في مدى تطابق القوانين المطعون بها مع الدستور، مشددين على أنهم يترافعون امام قضاتها باستمرار وهم يتمتعون بالصحة الكاملة.
وقال الخبير محمد الشريف، أن “سياسيين بدأوا بين الحين والحين الآخر بأطلاق تصريحات مغلوطة بأمل التسريع في اقرار قانون المحكمة الاتحادية العليا بنصوصه المشوهة التي تسهل الهيمنة على الهيئة القضائية العليا في العراق”.
وأضاف الشريف، أن “تلك التصريحات أما تعكس عدم الالمام بالواقع الدستوري والقانوني، أو أنها جاءت لخلط الاوراق لغايات سياسية واضحة”.
واستغرب الشريف، “تصريحات تزعم أن المحكمة الاتحادية العليا تمددت على مجلس النواب من خلال صلاحياته”، مؤكداً أن “المحكمة كانت قد ردت العديد من الدعاوى المعروضة امامها وموضوعها الطعن بعدم دستورية قانون أو نصوص منه، كون ما تم الطعن فيه جاء خياراً تشريعاً لمجلس النواب”.
وشدد، على أن «الاطلاع على احكام وقرارات المحكمة الاتحادية العليا يظهر للمتابع بأنها أكدت عدم صلاحياتها اجراء اي تعديل تشريعي، وأن دورها ينحصر بالنظر في سلامة القانون مقارنة بالدستور، هل يتوافق معه أم لا من الناحيتين الشكلية والموضوعية».
وقال إن «القرار القضائي يصدر اما برد الطعن وابقاء الحال على ما هو عليه، في حال عدم استناد الدعوى لسند من الدستور والقانون، أو الحكم بعدم دستورية (الغاء) ما مطعون فيه اذا وجدت المحكمة انه يخالف الدستور»، متابعاً أن «اي حكم للمحكمة الاتحادية العليا لم يتدخل في صياغات التشريعات أو يعدل منها حرفاً واحداً، وانها أما ان تبقيه أو تلغيه عبر الحكم بعدم دستوريته».
وشدد، على أن «ممارسة هذا الاختصاص الاصيل للمحكمة الاتحادية العليا جاء وفقاً للدستور فالمادة (93/ أولاً) منه نصت على أن المحكمة لها اختصاص (الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة)، وتلك الرقابة تكون من خلال الدعاوى المعروضة امامها من الاطراف».
وبين الشريف، ان «المحكمة الاتحادية العليا كانت قد قوّت من الاداء التشريعي والرقابي لمجلس النواب في العديد من الاحكام وذلك ظهر واضحاً في الطعون التي أوردتها الحكومة على قانون مجلس النواب وتشكيلاتها رقم (13) لسنة 2018 في الدعوى المرقمة (140 موحدتها 141/ 2018)»
وافاد، بأن «المحكمة اطلقت يد مجلس النواب في ممارسة التشريع بوصفه اختصاصه الاصيل باستثناء ثلاثة حالات مستندة في ذلك إلى الدستور وذلك في الحكم القضائي (21 وموحدتها 29/ 2015)».
ومضى إلى ان «تلك القوانين هي المتعلقة بالبرنامج الحكومي والقوانين ذات الجنبة المالية ينبغي فيها الرجوع إلى الحكومة بوصفها المسؤولة عن رسم السياسة العامة للدولة، والقوانين المتعلقة بالقضاء بوصفه سلطة مستقلة، وحفاظاً على استقلال القضاء وعدم التدخل في شؤونه، وبالتالي ينبغي الرجوع إلى رأيه في تشريع قوانينه».
من جانبه، قال المحامي فراس الخزعلي إن «طلب احد النواب بعرض اعضاء المحكمة الاتحادية العليا على لجنة طبية يخالف القانون».
واضاف الخزعلي، أن «قانون تمديد خدمة القضاة رقم (39) لسنة 2012، الذي استند اليه النائب لا يسري على اعضاء المحكمة الاتحادية».
وبين، أن «النائب يبدو أنه لا يفرّق بين القضاة التابعين لتشكيلات مجلس القضاء الاعلى الذين يسري عليهم قانون التمديد، والمحكمة الاتحادية العليا»، مشدداً على أن «المحكمة الاتحادية هيئة قضائية مستقلة مالياً وادارياً عن تشكيلات مجلس القضاء الاعلى».
وأكد الخزعلي، أن «طلب النائب يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات كونه موجها إلى رئيس الجمهورية، وذلك خلاف المادة (47) من الدستور التي حددت السلطات الاتحادية التي هي (التشريعية، والتنفيذية والقضائية)».
وأورد، أن «رئيس الجمهورية واحد من مكوني السلطة التنفيذية ولا يحق له دستورياً أن يتدخل في اعمال السلطة القضائية التي من بين مكوناتها المحكمة الاتحادية العليا».
وأشار الخزعلي، إلى أن «العديد من الدعاوى اقمتها امام المحكمة الاتحادية العليا وأنا اترافع امامها باستمرار، وقضاتها يناقشون القضايا مع المحامين بدقة وعلمية وصبر، ولأوقات طويلة ويتلقون منا الطلبات المطولة ويتم الاستماع الينا إلى اخر لحظة، ولم نلمس اي عارض صحي على الاعضاء يعوق اداء مهامهم، كما زعم النائب».
ونوه الخزعلي، إلى أن «طلب النائب يعكس حالة اليأس الذي يعيشه مجلس النواب من اقرار قانون المحكمة الاتحادية العليا وحجم الخلافات عليه، وبالتالي تم اللجوء إلى هذا الطرح الذي يخالف القانون».
يشار إلى أن مجلس النواب كان قد انهى القرائتين الاولى والثانية لقانون المحكمة الاتحادية العليا وسط رفض كبير لنصوصه بسبب سماحها لوصول رجال الدين إلى الهيئة القضائية.