اثبتت التجارب السياسية في العراق ان معالجة الازمات وحسم الملفات التي تقع على عاتق رئيس الوزراء وحكومته تتطلب اداءً احترافيا يتجاوز مستوى الاقتراحات ووضع الخطط والتعهد امام الجمهور بتنفيذها فطبيعة التحالفات السياسية والتعقيد في آليات اختيار الوزراء وتشكيل الحكومة وتوزيع المهام يحتم على اي رئيس وزراء ان يكون تحت منظومة التأثير الحزبي وتحت ضغط اطراف متعددة.
ومن بين اهم الاسباب التي قادت الى توجيه الانتقادات الى السيد عادل عبد المهدي في هذا الشأن هو تأخره في حسم كابينته الوزارية وتأخره في حسم ملف الدرجات الخاصة في الوزارات وفي الحقيقة يبدو ظاهرا ان هذا التأخير مرتبط برئيس الوزراء ومكتبه لكنه في واقع الحال يتعلق بالآليات التي تؤدي الى تنفيذ هذا الاستحقاق فالسيد رئيس الوزراء كان قد تعهد في خطاب استيزاره بتنفيذ وحسم هذه المهمة لكنه اغفل التحدي الكبير المتمثل في التفاصيل وهذا مايعاب على السيد عبد المهدي في منهجه وادائه خلال الشهور الماضية فعامل الزمن يضغط باتجاه تمرير هذا الاستحقاق وتخفيف حدة المطالبات بحصول افعال حقيقية تميز حقبة السيد عبد المهدي فيما واقع الحال يشير الى ان الحكومة لم تقدم طوال فترة توليها زمام ادارة الوزارات سوى الخطط والوعود ومقترحات المشاريع والمزيد من التصريحات الدعائية.
وبات الرأي العام العراقي غير مقتنع بهذه الحزمة الجديدة من الوعود وهذا التكرار( لسيناريوهات ) السلطة التنفيذية في معالجة الازمات والاخفاقات في اوجه متعددة من حياة العراقيين ومواصلة السير على نهج المحاصصة الحزبية وبالعودة الى البرنامج الحكومي الذي سبق ان اطلقه السيد عادل عبد المهدي في خطاب استيزاره يبدو واضحا الاخفاق والفشل في اختيار آليات تنفيذ هذا البرنامج واعتماده اطرا كلاسيكية لا تتناغم مع الحاجات الملحة والازمات التي تطبق على حياة العراقيين ومن بين اهم الاخطاء التي وقع فيها رئيس الوزراء في ملف حسم الكابينة الوزارية وحسم ملف الدرجات الخاصة هو تخليه عن هذا الملف وترك عهدته بأيدي التحالفات الحزبية داخل قبة مجلس النواب من دون ان يكون له صوت قوي في هذا الملف الحساس وعدم ادراكه للصعوبات التي تكتنف تنفيذ هذه المهمة واتباعه سياقات منقوصة لم تفضِ لحد الان بالخروج بحلول سريعة ومرضية فيما يقترب عمر الحكومة الحالية من عام كامل واصبحت فرص الخروج من هذا المأزق بانتظار صوت قوي يطلقه رئيس الوزراء يضع فيه الجميع امام الحقيقة يخير فيه الاحزاب بين حلوله هو او التخلي عن المسؤولية بعد ان طال الزمن وطفح الكيل و(تكالبت الاحزاب) على المناصب مثلما وصفت المرجعية الحال في خطابها الاخير.
د. علي شمخي