يكمن في في خنق الاقتصاد وإرساء أساس لتغيير النظام
ترجمة / سناء علي
عن صحيفة الواشنطن بوست الاميركية
للكاتب هنري أولسن
على ما يبدو للقاصي والداني أن ترامب يلعب حاليا لعبة خطرة ضد ايران , ابتداءا من تشديد العقوبات عليها وانتهاءا بمحاولة شن حرب عليها وعزل نظام طهران وأفقاره .
إن وسائل الإعلام الامريكية ركزت على اتهام إيران بالمسؤولية عن الهجوم الذي طال 4 سفن تجارية في الخليج قبل أيام, لكن طهران ردت متهمة واشنطن بالسعي لدفعها إلى حرب لا تريد خوضها على الاطلاق . صحف بريطانية ووسائل اعلام اجنبية اخرى كانت قد اشارت بتقاريرها الى رفض واسع وشامل لوصف أيران بـ” الخطرة ” حيث نشرت الإندبندنت تقريرا لمراسلها أندرو بانكومب بعنوان “جنرال بريطاني يرفض اتهام الولايات المتحدة لإيران بأنها تشكل خطرا على قوات التحالف في الشرق الأوسط”.
يقول بانكومب إن اللواء البريطاني كريس جيكا وهو الثاني في التراتبية العسكرية لسلسة قيادة قوات التحالف نفى أن تكون إيران تشكل تهديدا لقواته في الشرق الأوسط وقال للمراسلين في مقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) “إنه ليس هناك دليل على ذلك”.
كما أن معارضي ترامب شنوا عليه حملة شعواء واتهموه بلي الحقائق وحتى اصطناع الأحداث على غرار ما فعله جورج بوش مع العراق قبل غزوها عندما اتهم بغداد بحيازه أسلحة دمار شامل لتبرير الغزو قبل أن يتضح أنها مجرد أكاذيب.
كما إن الرئيس ترامب طلب في الفترة السابقة مرة أخرى، وقف الإعفاءات من حظر شراء النفط الإيراني والتي كانت ممنوحة لثماني دول. ورغم أن هذه الدول قللت من استيرادها للنفط الإيراني، فإن إدارة ترامب طالبت بإنهاء المشتريات بشكل مباشر، أو مواجهة عقوبات مالية أميركية.
وقد يبدو أن الهدف الذي يسعى جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي، إلى تحقيقه يتلخص في خنق الاقتصاد الإيراني المعتمد على النفط، وإرساء الأساس لتغيير النظام.
ولو تأملنا دور السعودية التي وعدت بتحقيق الاستقرار في السوق، عن طريق تعويض خسائر النفط الإيراني، فإن هناك خطراً في أن ينتهي هذا الجهد بنتائج عكسية؛ وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار العالمية.
كما أن “تكتيكات ترامب للضغط على إيران لها تأثيرات كبيرة على الوضع الداخلي لايران على وجه الخصوص , وحسب اخر معلومات صرح بها صندوق النقد الدولي، فإن العقوبات الاقتصادية، التي أعاد فرضها ترامب بعد أن رفعها سلفه باراك أوباما، عندما تم توقيع الاتفاق النووي في عام 2015، دفعت إيران إلى الركود، ودفعت معدل التضخم إلى ما يقرب من 40%، ومن المتوقع أن ينكمش اقتصادها هذا العام بنسبة 6%”.
إنهاء عملية إعفاء بعض الدول من شراء النفط الإيراني، يأتي متسقاً مع مسار إدارة ترامب في التعامل مع إيران؛ حيث وضعت واشنطن الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب، وهو ما فتح المجال أمام فرض العقوبات الاقتصادية وعقوبات السفر على الجماعة والكيانات المرتبطة بها، وهي المرة الأولى التي توضع فيها منظمة عسكرية رسمية لدولة أجنبية على لائحة الإرهاب.
إن إدارة ترامب تدرس حالياً فرض عقوبات على كيانات أوروبية وصينية وروسية عاملة في إيران، حيث من المقرر أن تمهلها 90 يوماً من أجل مغادرة إيران، ولكن يبدو أن إدارة ترامب ستعيد النظر في هذه المدة.
إيران، ما زالت ملتزمةً باتفاقية 2015 التي تضع قيوداً على برنامجها النووي، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراقب مدى التزام إيران، لكن حمْلة الضغط قد تقوِّي المتشددين داخل إيران؛ وهو ما يعني أن إدارة ترامب تلعب لعبة خطيرة في إيران، وتخاطر بسوء تقدير خطير، فحتى الأعداء يمكنهم إيجاد طرق للحديث، ويجب أن تكون هناك قناة للتواصل».
«لقد أدى ترامب منذ إلغاء الصفقة النووية مع إيران عملاً مدروساً، وكذلك الأمر بالنسبة للأزمة الفنزويلية؛ حيث كانت هناك مخاوف من اعتراف الولايات المتحدة بالرئيس المؤقت خوان غوايدو رئيساً شرعياً للبلاد، والبعض كان يتوقع أن تقْدم الولايات المتحدة على عمل عسكري لتثبيته».
لكن ما جرى هو العكس؛ إذ لجأت واشنطن إلى سياسة العزل البطيء لحكومة فنزويلا ورئيسها نيكولاس مادورو. ومؤخراً أجرى الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، اختبارين للصواريخ والأسلحة؛ في محاولة لإجبار ترامب على العودة إلى طاولة المفاوضات.
لكن ذلك، لم يزعج ترامب، الذي لم يكلف نفسه حتى التغريد رداً على تلك التجارب، وبدلاً من ذلك ينتظر ما يمكن أن يصل إليه من خلال القنوات الدبلوماسية الرفيعة المستوى، وهو بالضبط ما يجب فعله في مثل هذه الحالات.