احمد الهلالي
أنا حارس الليل
أنقّح صـمت الآلام في الجسد الرقيق
لفراشة أخذَ النوم سرَّها وراح
وأعالـج وهـج الأنين
في العروق الدفينة بـمزيد من الأجنحة.
أنا حارس الليل
من دون أن يكون لي في الـمكان منارة
أو نافذة عالية أطلّ منها على أوجاع الناس
أحرس العالم من عويل الصدفة
وأربّي تحت ضوء القمر
صغار الأمل
وهي ترعى في مروج الضوء
أمرجح الكون بهم
أحكي لهم عن شبق السكاكين
عن سرّ يقطن في غيمة عابرة
وعن شيخ يخبئ في ثنايا لحيته سرب فراشات
حتى يأخذهم الحب.
أنا حارس الليل
من دون كلب أو سلاح
كلما مرّ في الفراغ طيف
تعالى نباح عزلتي
وتفجرت في إثره
رصاصات السؤال
أنا حارس باب لا يدخله أحد
يسجل في دفاتر سرية أرقاما غير مفهومة
وأوثّق ما بين شهقة وأخرى
مواعيد طلوع الشمس
عدد حبات المطر
مزاج القمر ليلة السبت
أنين الأيام في الشهور الباردة
وغضب الفصول الفاترة.
أنا حارس الليل
أركض وراء رنين السنوات
من غير أن تتعب في منعرجات المجاز عبارتي
أدرّب العقارب على قبلة الصباح
وأنصح الطيور المهاجرة بنشرة الطقس قبل كل صلاة.
أنا حارس الليل
أضيف الألوان اللازمة لأحلام الأطفال
وهم يركضون في حديقة المدينة
صبيحة الأحد
أضع مسودة خطواتهم المتعثرة
وهم يتراشقون بكرات الثلج
تحت سماء ضاحكة
أوزّع الطعام على القطط الضجرة كل مساء،
وأرعى أعشاب الروتين من دون مقابل
أستمع لنحيب الحصاة في الطريق
وأعدّل بكثير من الخيال مسار الكلمات
كي تكبر في ممرّات الروح صرخاتها
أحميها من أخطاء اللغة
تعوزني شمعة قليلة لهذا المساء المعتم
كي أشرب كأسي الأخيرة
وحيدا في ركن مظلم.